بيسيذا.. رجل موسكو الغامض في مفاوضات جدة

كتب: أحمد خالد

يستعين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسيرغي بيسيدا، الشخصية المثيرة للجدل في الأجهزة الأمنية الروسية، للمشاركة في مفاوضات السعودية المرتقبة مع أوكرانيا. وتأتي هذه الخطوة في وقت تقود فيه واشنطن محادثات بين موسكو وكييف، من المقرر أن تبدأ بعد غد الإثنين، تركز على ضمان سلامة الملاحة في البحر الأسود، وهي قضية حيوية لتجارة الحبوب والطاقة عالميًا.

لغز بيسيدا

بيسيذا، الذي شغل سابقًا منصب رئيس “المديرية الخامسة” في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) – المسؤولة عن العمليات الاستخباراتية الخارجية – يُعتبر شخصية مثيرة للجدل. فقد ترددت تقارير إعلامية عن تقديمه معلومات استخباراتية مضللة قبل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا عام 2022، مما أدى – وفقًا للصحفي الروسي أندريه سولداتوف – إلى وضعه قيد الإقامة الجبرية لفترة، بل وحتى حبسه في سجن “ليفورتوفو” الشهير.

مفاوضات جدة

يشارك بيسيدا في الوفد الروسي برئاسة غريغوري كاراسين، رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد الروسي. ويؤكد مساعد بوتين للشؤون الدولية، يوري أوشاكوف، أن كليهما “مفاوضان خبيران في القضايا الدولية”، مشيرًا إلى أن المحادثات تهدف لاستكشاف سبل تنفيذ مبادرة متعلقة بأمن الملاحة البحرية. وقد سبق هذه الخطوة اتصال بين أوشاكوف ومستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، اتفقا خلاله على آلية تشاور ثنائية بين خبراء معينين من قبل البلدين.

بين التقاعد والإقصاء

يرى مراقبون، مثل الباحث البريطاني مارك غاليوتي مؤلف كتاب “حروب بوتين”، أن إقالة بيسيدا من منصبه السابق ربما كانت بسبب بلوغه سن التقاعد، وليس نتيجة فشله الاستخباراتي. ويشير غاليوتي إلى أن تعيينه كمستشار “شرفي” يُعدّ مجاملة رمزية من الكرملين، بدلًا من إقصائه كليًا، مما قد يُفسر استمرار استخدام خبرته رغم التوترات السابقة.

توقعات متشائمة

من المقرر أن تستأنف المفاوضات يوم 24 مارس، مع تأكيد أوشاكوف على أمله في أن تكون “مثمرة”. لكنّ المحللين يتوقعون تعقيدات كبيرة، لا سيما في ظل استمرار الحرب وتصاعد التوترات بين موسكو وحلفائها الغربيين. ويُلاحظ أن اختيار بيسيدا – رغم تاريخه المليء بالخلافات – يعكس محدودية الخيارات الدبلوماسية الروسية، وقدرة بوتين على إعادة تدوير الشخصيات حسب الحاجة، حتى وإن كانت تُحمّل مسؤولية أخطاء استراتيجية سابقة.