إصلاحات ضريبية شاملة: مصر تُطلق مبادرة لتيسير الالتزام ودمج الاقتصاد غير الرسمي

أعلن الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، عن خطوة هامة نحو بناء جسور الثقة بين الممولين ومصلحة الضرائب، وذلك من خلال تعديلات جوهرية في المنظومة الضريبية المصرية. ووصف السيد هذه التعديلات بأنها تمثل نقلة نوعية تُسهّل تقديم الإقرارات الضريبية المتأخرة دون غرامات أو عقوبات.
تيسير الإجراءات الضريبية ودعم الاقتصاد الرسمي
وأوضح السيد في تصريحات صحفية حديثة أن هذه الإجراءات تعكس توجه الدولة نحو تبسيط الإجراءات الضريبية، وتحفيز النمو الاقتصادي الرسمي، ودمج القطاع غير الرسمي ضمن الاقتصاد المنظم. وذلك بهدف تعزيز بيئة استثمارية جاذبة وزيادة الإيرادات الحكومية.
إصلاحات تستند لقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة
وأشار السيد إلى أن جذور هذه الإصلاحات تعود إلى قانون رقم 152 لسنة 2020 الخاص بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والذي يُعنى بتبسيط إجراءات المحاسبة لهذه المشروعات. ولكن، نظرًا لعدم تفعيله بشكل كامل، تدخلت لجان الطعن الضريبي لتُصدر تعليمات تنظيمية جديدة تُحدد آلية محاسبة المنشآت ذات التعاملات المحدودة بنظام الشريحة القطعية.
وبناءً على التعليمات التنفيذية رقم 95، اعتمدت مصلحة الضرائب آلية محاسبة جديدة للشركات التي لا تتجاوز تعاملاتها 10 ملايين جنيه، بموجب شرائح ضريبية تتراوح بين 0.25% و1% كحد أقصى، بشرط تسجيل آخر معاملة قبل نهاية يونيو 2023. أما المعاملات اللاحقة لهذا التاريخ، فستخضع للقوانين الضريبية التقليدية كالقانون رقم 91 لسنة 2005 وقانون القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2017.
تسوية النزاعات الضريبية القديمة
أكد الدكتور السيد أن تراكم النزاعات الضريبية القديمة يُمثل عبئًا إداريًا وماليًا كبيرًا، حيث تستغرق هذه القضايا سنوات طويلة بين الممول والمأمورية، ثم تنتقل إلى لجان الطعن، وأخيرًا المحاكم. لذا، يُهدف النظام الجديد إلى تسوية هذه النزاعات عبر اتفاقيات مبسطة بين الممولين ومصلحة الضرائب، بما يُتيح دفع نسبة محددة من المستحقات بدلاً من اللجوء للمسارات القضائية المطولة.
كما أشار إلى نجاح تطبيق الضرائب القطعية في قطاعات مثل النقل والتاكسي، وسيتم تعميمها لتحديد الضرائب بناءً على حجم الإيرادات السنوية، مما يُسهل عملية الامتثال الضريبي.
حوافز ضريبية جديدة وتيسيرات للممولين
كشف الدكتور السيد عن حوافز وتيسيرات ضريبية جديدة مُقدمة من خلال القوانين رقم 5، 6، و7 لسنة 2025، ومنها: إسقاط غرامات وفوائد التأخير للممولين الذين يسددون مستحقاتهم خلال 90 يومًا، وتسوية المنازعات الضريبية القديمة حتى عام 2020 بشرط تقديم طلب التسوية قبل 12 مايو 2025، بالإضافة إلى إعفاء كامل للقطاع غير الرسمي من أية التزامات ضريبية سابقة، بشرط التسجيل والالتزام بالمنظومة الجديدة بدءًا من 1 مارس 2025.
دمج الاقتصاد غير الرسمي
أكد الدكتور السيد أن من الأهداف الرئيسية للقوانين الجديدة دمج الاقتصاد غير الرسمي، الذي يُشكل حوالي 50% من حجم الاقتصاد، والذي يُحرم الدولة من نحو 1.8 تريليون جنيه كحصيلة ضريبية محتملة. ودعا الدولة هذه الفئات للتسجيل الطوعي والاستفادة من الإعفاءات المُقدمة دون مساءلة عن الفترات السابقة. ويمكنكم معرفة المزيد عن الإعفاءات الضريبية هنا.
ضمانات التطبيق والشفافية
و لضمان التنفيذ، أكد الدكتور السيد أن القوانين الجديدة تُنص على عدم إعادة فحص السنوات السابقة بمجرد تقديم الإقرارات المعدلة، مشيرًا إلى تأكيد مجلس النواب على تطبيق القانون بحذافيره، وعدم اللجوء لتفسيرات فردية من المأموريات. وختم السيد تصريحاته بالتأكيد على أن هذه الإصلاحات تُمثل نقلة نوعية في النظام الضريبي المصري، وتُوفر فرصًا كبيرة للممولين لتسوية أوضاعهم والانضمام للاقتصاد الرسمي دون أعباء إضافية، مما يُعزز بيئة الأعمال والاستثمار.