عرب وعالم

وثائق اغتيال كينيدي تكشف أسراراً صادمة لعائلات أمريكية

كتب: عمرو خالد

بعد عقود من الكتمان، كشفت وثائق اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي عن حقائق صادمة هزت عائلات أمريكية ظلت لسنوات تعيش في ظل أوهام حول ماضيها. لم يكونوا مجرد مواطنين عاديين، بل بيادق في لعبة استخباراتية معقدة نسجت خيوطها في أروقة الحرب الباردة.

رحلة بين كوبا وموسكو: حياة مزدوجة في ظلال التجسس

من كوبا إلى موسكو، ومن ميامي إلى بكين، تكشف الأوراق السرية عن حياة مزدوجة عاشها هؤلاء العملاء؛ حياة في وضح النهار، وأخرى في ظلال التجسس. فحسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست، اكتشفت هذه العائلات أن أفرادًا منها عملوا سرًا لصالح المخابرات الأمريكية لعقود، دون إخبار أقرب الناس إليهم.

لم تكشف الوثائق الكثير عن عملية الاغتيال نفسها، لكنها كشفت عن شبكة من العملاء السريين الذين لعبوا أدوارًا مهمة في ملفات تجسسية حساسة، بدءًا من مراقبة مؤيدي الزعيم الكوبي فيدل كاسترو وحتى التنصت على الصين خلال الحرب الباردة.

عائلات تعيد اكتشاف تاريخها

جون سميث، على سبيل المثال، اكتشف خلال بحثه في الوثائق أن جده، إي بي سميث، حاول عام 1991 استخلاص معلومات من مسؤول في جهاز الاستخبارات السوفياتي (الـKGB) حول صلة السوفيات بلي هارفي أوزوالد (قاتل كينيدي المزعوم). وخلال عمله أستاذًا في موسكو عام 1976، بنى سميث علاقة مع فياتشيسلاف نيكولونوف، حفيد وزير خارجية ستالين، والذي أصبح لاحقًا مسؤولًا رفيعًا في المخابرات السوفياتية، وأكد عام 1991 أن أوزوالد لم يكن عميلًا سوفياتيًا، بل “شخصية غير قابلة للتحكم”.

أما دوروثي نورث، فعلمت بعد وفاة زوجها روبرت نورث – أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ستانفورد – أنه كان مصدرًا سريًا “بالغ الأهمية” لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA). وكشفت وثائق عام 1962 أنه قدم تقارير عن مجموعات المنفيين الكوبيين في ميامي، محذرًا من تسلل جواسيس شيوعيين.

إي بي سميث مع كينيدي

مارك ميلز، بدوره، ظن طوال طفولته أن والده برايان ميلز موظف عادي بوزارة الخارجية، حتى اكتشف بالصدفة في الثامنة عشرة أنه يعمل في مرآب تابع لوكالة الاستخبارات المركزية! وكشفت الوثائق مؤخرًا أن برايان شارك في مهمة خطرة بكوبا عام 1960 لتركيب أجهزة تنصت فوق مكتب صحفي صيني، انتهت باعتقال ثلاثة تقنيين أمريكيين. يقول مارك: “كان أبي مجرد أب عادي بالنسبة لي”.

عمليات تجسسية سرية في قلب الحرب الباردة

بعد الثورة الكوبية عام 1959، أنشأت وسائل إعلام صينية مكتبًا في هافانا. نفذت الـCIA عملية معقدة لزرع أجهزة تنصت في المبنى، حيث استأجرت شقة فوق المكتب لهذا الغرض. لكن العملية تعثرت بعد مغادرة برايان ميلز، واعتقلت السلطات الكوبية ثلاثة أمريكيين كانوا يُجددون الأجهزة متنكرين كسياح، بينما أخفت زوجاتهم الحقيقة بالادعاء أن أزواجهن “في رحلة عمل”.

إي بي سميث مع كينيدي

لم تكن الصين الهدف الوحيد؛ فخلال الحرب الباردة، جمع عملاء مثل إي بي سميث معلومات استخباراتية من داخل الاتحاد السوفياتي، مستغلين علاقات أكاديمية وصداقات شخصية مع مسؤولين مثل نيكولونوف، الذي ساعد لاحقًا في تحسين العلاقات بين الـكي جي بي وسي آي إيه.

تداعيات الكشف: إعادة كتابة السير العائلية

لم تكن هذه الوثائق مجرد كشف تاريخي، بل صدمة شخصية لعائلات ظلت تجهل أدوار أفرادها في الجهاز السري للدولة. هذه التفاصيل تُعيد تشكيل ذاكرة العائلات حول من كانوا يعتقدون أنهم “أزواج عاديون” أو “أجداد تقليديون”، ليكتشفوا أنهم كانوا أبطالًا – أو شركاء – في حرب الظل التي خاضتها الولايات المتحدة خلال القرن العشرين.

وتُبرز الوثائق كيف تحوّل البعض إلى أدوات في آلة التجسس دون أن يتركوا لأحبائهم أدنى فكرة عن حياتهم المزدوجة، مما يطرح أسئلة أخلاقية حول ثمن السرية في عالم المخابرات. لمعرفة المزيد عن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، يمكنك زيارة موقعها الرسمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى