إسرائيل على حافة الهاوية: احتجاجات عارمة وتهديدات بحرب أهلية

كتب: أحمد خالد
تشهد إسرائيل تصاعدًا خطيرًا في التوتر الداخلي، حيث تتزايد حدة الخلافات بين أنصار الحكومة ومعارضيها، مما دفع واشنطن إلى التحذير من الوضع الأمني المتدهور هناك ونداءها لمواطنيها باتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر.
مخاوف من حرب أهلية
استعادت الساحة السياسية الإسرائيلية أجواء التوتر التي سادت مطلع عام 2023، حيث تتبادل المعارضة والحكومة الاتهامات، وسط تحذيرات من عصيان مدني من جهة، ومن تخوين وتهميش من الجهة الأخرى. فقد حذر زعيم المعارضة، يائير لابيد، خلال مظاهرة حاشدة في تل أبيب، من أن حكومة نتنياهو تدفع البلاد نحو حرب أهلية، مُشددًا على أن الحكومة تسعى بكل الوسائل لإشعال فتيل هذه الحرب، وأن نتنياهو نفسه يدفع باتجاهها علانية. وأكد لابيد أن المعارضة ستتصدى لهذه المحاولات بكل قوة، ولن تسمح بتدمير البلاد.
وخاطب لابيد المتظاهرين قائلاً: “يستخدمون كلمة الوحدة لإسكاتنا، لكنهم لن ينجحوا. الصمت في وجه هذه الحكومة المدمرة ليس وحدة. سنكون دائمًا في مواجهة كل تجاوز للحكومة للخطوط الحمراء. فإذا تجاهلت الحكومة حكم المحكمة، فإنها ستتحول إلى حكومة إجرامية، وفي هذه الحالة، يجب أن يتوقف البلد بأكمله، باستثناء أجهزة الأمن. سنعارض أي رفض، لكن كل شيء آخر سيتوقف”.
ودعا لابيد إلى إضراب شامل يشمل الاقتصاد، والكنيست، والمحاكم، والسلطات المحلية، والجامعات، وحتى المدارس، مؤكدًا على أن المعارضة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما وصفه بـ”مسرحية نتنياهو المجنونة” و لن تكون شريكة في تدمير الديمقراطية.
وكانت تصريحات لابيد ردًا على قرار الحكومة إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، وهو القرار الذي علّقته المحكمة العليا، وقرار الحكومة المُزمع إقالة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، وهو ما أثار غضبًا واسعًا في صفوف المعارضة.
دعوات لإغلاق الاقتصاد
من جانبه، طالب القيادي في حزب “معسكر الدولة”، غادي آيزنكوت، وهو الرئيس الأسبق لأركان الجيش الإسرائيلي، باتخاذ خطوات غير مسبوقة، مثل إغلاق الاقتصاد الإسرائيلي لأسابيع، ودفع الجماهير إلى الشوارع، مؤكدًا أن نتنياهو يتحدى دولة إسرائيل الديمقراطية. ووجه آيزنكوت انتقادات لاذعة لوزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، مُطالبًا باستبداله.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر مشاركة في المفاوضات قولها إن هناك حاجة إلى محترفين يتصرفون بسرعة، ويتفاعلون مع التطورات، دون إضاعة الوقت، مشيرة إلى أن فهم ترامب وحده لا يكفي.
وقد جاءت هذه الانتقادات قبل انعقاد المجلس الوزاري الأمني لبحث الوضع في غزة والمفاوضات لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وسط اتهامات لحكومة نتنياهو بعرقلة هذه المفاوضات.
انتقادات لاذعة لنتنياهو
خلال مؤتمر صحفي، هاجمت ميراف سفيرسكي حكومة نتنياهو، مُتهمة إياها بالمسؤولية عن مقتل شقيقها في غزة، وقالت: “كان من الممكن إنقاذ أخي، وكان من الممكن إنقاذ العديد من المختطفين، لكن الحرب لا تعيد الرهائن، بل تقتلهم”. وأضافت أن نتنياهو هو من تسبب في تفجير الاتفاق، ولم يقبل حتى الآن الاقتراح الإسرائيلي بإعادة جميع المختطفين، مُؤكدةً أن دماء كل أسير يموت في الأسر على يد نتنياهو وحكومته.
كما انتقد يهودا كوهين نتنياهو بشدة، مُتهماً إياه بقتل المختطفين وتدمير البلاد، ودعا الشعب الإسرائيلي للنزول إلى الشوارع، مؤكدًا أن نتنياهو اختار الحرب للهروب من محاكمته، وتحت غطاء الحرب، يقوم بتفكيك الدولة وترسيخ حكمه.
دعوات للوحدة
في المقابل، دعا يائير غولان، زعيم حزب “الديمقراطيون” ونائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، إلى الوحدة الوطنية، مُشددًا على أن هذا ليس وقت السياسة التافهة أو الاعتبارات الشخصية، وأن الوقت حان لإقامة جبهة ديمقراطية موحدة.
كما عبّر أفيغدور ليبرمان، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، عن قلقه بشأن استقرار نتنياهو النفسي.
رد نتنياهو
من جانبه، رد نتنياهو في شريط فيديو مُسجل، مُنكرًا كل الاتهامات، مُؤكدًا أن رونين بار لن يبقى رئيسًا للشاباك، ولن تكون هناك حرب أهلية، وأن إسرائيل ستبقى ديمقراطية.
وقد وصل صدى هذه الأحداث إلى واشنطن، حيث أصدرت السفارة الأمريكية في إسرائيل بيانًا تحذيريًا لمواطنيها، داعية إياهم إلى توخي الحذر وتجنب التجمعات الكبيرة والمظاهرات.