عرب وعالم

عودة ترامب وزلزال في حلف الناتو: هل ينهار التحالف الأطلسي؟

كتب: أحمد خالد

لطالما كان حلف شمال الأطلسي (الناتو) صخرة الأمان في أوروبا، لكنّ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أثارت رياحًا عاتية من الشكوك حول مستقبله. فبينما تُقيّد القوانين الأمريكية قدرة الرئيس على الانسحاب الرسمي من الحلف، إلا أن ترامب يمتلك أدوات أكثر دهاءً لتقويضه من الداخل، دون اللجوء إلى الإعلان عن الطلاق رسميًا.

مناورات ترامب المحتملة

وفقًا لتقرير مجلة نيوزويك، فإن سحب الولايات المتحدة من الناتو يتطلب تقديم إشعار لمدة عام، بموجب المادة 13 من ميثاق الحلف. لكن هذا الإجراء ليس بالسهل، فإضافة إلى إشعار الحكومة الأمريكية، يجب إبلاغ الدول الأخرى، كما ينص القانون الأمريكي الصادر أواخر عام 2023 على ضرورة موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ على أي انسحاب، وهو ما يجعل المهمة صعبة للغاية. ويؤكد إدوارد هانتر كريستي، المسؤول السابق في الناتو، على ضرورة التشاور مع لجان العلاقات الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب قبل اتخاذ أي خطوة.

لكن الخبراء يحذرون من أن ترامب قادر على تقويض الناتو من خلال إضعاف الثقة فيه، فالتشكيك في التزام واشنطن بالمادة الخامسة (الدفاع المشترك) يكفي لزعزعة مصداقيته كرادع.

الخيانة الناعمة.. وتهديدات ضمنية

لا يحتاج ترامب إلى خطوات دراماتيكية، فهو قادر على اللجوء إلى ما يُعرف بـ«الخيانة الناعمة». فمن الممكن أن يهدد علنًا بعدم الدفاع عن الدول التي لا تلتزم بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من ناتجها المحلي الإجمالي، متجاوزًا الهدف الحالي البالغ 2%.

ترامب والناتو

كما أن تقليص الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا، والتخلي عن منصب القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا (الذي احتكرته الولايات المتحدة منذ 75 عامًا) قد يُفسران كبداية لانفصال استراتيجي.

تداعيات عسكرية واستخباراتية

انسحاب القوات البرية الأمريكية من أوروبا مع بقاء الترسانة النووية التكتيكية قد يخلق توازناً هشاً، يدفع الأوروبيين لتحمل مسؤولية دفاعهم، لكن يبقي وهم الردع النووي. غياب التنسيق في المناورات العسكرية، كما حدث في أكبر تدريبات الناتو هذا العام، يضعف الجاهزية. كما أن تعليق التعاون الاستخباراتي يُعطل آليات الإنذار المبكر، ويُضعف القدرة على مواجهة استراتيجيات موسكو في «المنطقة الرمادية».

ترامب والناتو

سياسة ترامب تجاه أوكرانيا نموذج مقلق، فقطع المساعدات عن كييف يُظهر استعدادًا للتضحية بشريك في حالة حرب لتحقيق مكاسب سياسية داخلية. وقد تُطبق هذه الاستراتيجية على دول الناتو، حيث قد ترفض واشنطن تفعيل المادة 5 بحجج مثل «عدم استحقاق» الدولة المُهاجَمة للدعم.

ردود فعل أوروبية متباينة

رغم محاولات تهدئة المخاوف، مثل تأكيد ينس ستولتنبرغ على «التزام ترامب الكامل بالتحالف»، إلا أن الدوائر السياسية والعسكرية تتعامل بجدية مع احتمالية انهيار الضمانات الأمنية الأمريكية. بدأت بعض الدول بزيادة ميزانياتها الدفاعية، وتستكشف أخرى تعزيز التعاون الثنائي خارج إطار الناتو. لكن التحدي الأكبر يكمن في غياب بديل حقيقي للهيكل الأمني القائم، مما يضع أوروبا في موقف ضعيف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى