سجن سيكوت.. جحيم العصابات في السلفادور

كتب: عمرو خالد
أثار قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ترحيل مئات المشتبه بانتمائهم لعصابات فنزويلية إلى سجن “سيكوت” في السلفادور، جدلًا واسعًا، خاصةً في ظلّ شهرة هذا السجن بظروفه القاسية التي سبقت هذا القرار بكثير.
سجن “سيكوت”: مركز احتجاز الإرهابيين
يُعرف سجن “سيكوت” رسميًا باسم “مركز احتجاز الإرهابيين”، وهو أكبر سجن في الأميركيتين، ويستوعب ما يصل إلى 40 ألف نزيل. يُمثل السجن ركيزة أساسية في حملة الرئيس السلفادوري ناييب بوكيلي الشرسة ضد الجريمة المنظمة، ويضم أخطر المجرمين، من بينهم مرتكبو جرائم قتل جماعي وأفراد عصابات يُصنفون كـ”الأسوأ على الإطلاق”.
وصول دفعة جديدة من المرحلين
وصلت دفعة جديدة من السجناء إلى سجن سيكوت الأحد الماضي، ضمت 261 شخصًا رحّلتهم الولايات المتحدة، منهم 238 متهمًا بالانتماء لعصابة “ترن دو أراجوا” الفنزويلية، و23 آخرين يشتبه بانتمائهم لعصابة “إم إس-13” سيئة السمعة. وقد وافق بوكيلي على استقبال هؤلاء المرحلين في صفقة غير مسبوقة، مقابل 6 ملايين دولار من الولايات المتحدة لدعم نظام السجون في السلفادور، الذي تبلغ تكلفته السنوية نحو 200 مليون دولار.
معاملة قاسية داخل السجن
خضع المرحلون لنظام صارم فور وصولهم، بدأ بإجبارهم على الانحناء أثناء اقتيادهم بالأغلال، وحلق رؤوسهم وهم راكعون. وفي مقطع فيديو نشرته الحكومة السلفادورية، ظهر ضابط يصرخ في وجوه السجناء: “نحن ننفذ النظام بحذافيره، وستخضعون له من هذه اللحظة، حيث يُعامل أفراد الأمن في السجن باحترام مطلق! هل هذا واضح؟”.
هذه المشاهد القاسية جزء من السياسة المتبعة داخل السجن منذ سنوات. فقد أظهرت صور نشرتها الحكومة عام 2023 السجناء وهم يُنقلون شبه عراة، برؤوس محلوقة وأجساد مقيدة.
شهادة CNN على ظروف السجن
وصفت شبكة CNN الأمريكية في تقرير لها أواخر عام 2024 الأوضاع داخل زنازين سيكوت بأنها “حرمان متعمد”. يُحتجز النزلاء في زنازين مخصصة لحوالي 80 شخصًا، لمدة 23.5 ساعة يوميًا، دون أي راحة تقريبًا. ينامون على أسرة حديدية بلا فرش أو وسائد، ويستخدمون مرحاضًا مكشوفًا وحوضًا إسمنتيًا، ولا يُسمح لهم بالخروج إلا لمدة 30 دقيقة يوميًا لممارسة التمارين أو حضور قراءات دينية. كما أنهم محرومون من العمل، والقراءة، وحتى لعب الورق، ولا يتلقون رسائل من عائلاتهم، ويقدم الطعام لهم عبر فتحات معدنية دون لحوم.
يضم سجن سيكوت خليطًا من المحكومين وأولئك الذين ينتظرون محاكماتهم، فيما يؤكد منتقدون أن بعض النزلاء اعتُقلوا دون محاكمة عادلة. وتأتي هذه الإجراءات القمعية ضمن حملة بوكيلي للحد من الجريمة، التي شملت إعلان حالة الطوارئ عام 2022، مما أتاح تعليق بعض الحقوق الدستورية، بما في ذلك الحق في الحصول على محامٍ دفاعي، والتي تم تمديدها عشرات المرات ولا تزال سارية حتى اليوم. وقد اعتقلت قوات الأمن نحو 87 ألف شخص خلال السنوات الثلاث الماضية، أي ما يزيد عن 1% من سكان البلاد، وفقًا للسلطات. وتؤكد الحكومة أن هذه الإجراءات جعلت البلاد أكثر أمانًا، لكن منظمات حقوقية تعتبرها انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان. وقد أقر بوكيلي بوقوع أخطاء، لكنه دافع عن سياساته.
لمعرفة المزيد عن سياسات مكافحة الجريمة في السلفادور، يمكنك زيارة موقع هيومن رايتس ووتش للاطلاع على تقاريرهم حول هذا الموضوع.