الفيدرالي الأمريكي يترقب: مصير أسعار الفائدة بين مطرقة التضخم وسندان البطالة

كتب: عمرو خالد
ينعقد اليوم الأربعاء اجتماعٌ حاسمٌ لصناع السياسة النقدية في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، حيث يُتوقع على نطاق واسع أن يُبقي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية دون تغيير عند 4.25% – 4.5%، مُمدداً بذلك فترة التوقف عن خفض الأسعار التي بدأت في يناير الماضي. قرارٌ يُراقبه العالم باهتمام بالغ، خاصةً في ظلّ حالة عدم اليقين الاقتصادي التي تُسيطر على المشهد.
موقف حذر وسط تحديات اقتصادية
يتوقع الاقتصاديون أن يتّبع الفيدرالي نهجاً حذراً، مُراعيًا حالة عدم اليقين المُحيطة بالسياسات التجارية والمالية، خاصةً في ظلّ تداعيات القرارات الاقتصادية السابقة. فإلى جانب قرار سعر الفائدة، سيُصدر المجلس توقعاته المُحدّثة لنمو الناتج المحلي الإجمالي، ومعدلات التضخم والبطالة، مع توقعات بارتفاع طفيف في التضخم الأساسي وتباطؤ في النمو الاقتصادي.
توقعات السوق وتأثير الرسوم الجمركية
تتوقع الأسواق حاليًا ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة بنسبة 0.75% هذا العام، وهو ما يُمثل زيادةً عن توقعات ديسمبر 2024، التي أشارت إلى خفضين فقط خلال عام 2025. ويُشكل هذا الاجتماع محور تركيزٍ شديد في وول ستريت، حيث يُلاحظ تحوّل في نهج الفيدرالي من الترقب والانتظار إلى إعادة ضبط مهمته، وذلك بسبب خطر اندلاع حرب تجارية واسعة النطاق قد تُؤدي إلى ارتفاع حادّ في الأسعار. الرسوم الجمركية المُطبقة بين أمريكا وكندا والمكسيك والصين تُمثّل صدمةً اقتصاديةً ساهمت في ضعف قدرة الاقتصاد على توفير السلع والخدمات، مما يُؤدي إلى ارتفاع الأسعار وإضعاف النمو. وقد حذّر محللون في صحيفة وول ستريت جورنال من أن زيادة الرسوم الجمركية تُهدد بزعزعة سلاسل التوريد العالمية، وقد تُؤدي إلى تجميد الاستثمارات الجديدة.
الفيدرالي بين مطرقة التضخم وسندان البطالة
يُعبّر جاي برايسون، كبير الاقتصاديين في ويلز فارجو، عن هذا التحدي بقوله: “يضع هذا الوضع الاحتياطي الفيدرالي بين مطرقة وسندان. فإذا ارتفع التضخم، يُفضّل تشديد السياسة النقدية، أما إذا ارتفع معدل البطالة، فيُفضّل تخفيفها”. وقد تراجعت ثقة المستهلكين مؤخراً، وسط تصريحاتٍ من كبار مستشاري الرئيس عن استعدادهم لتحمّل بعض الضعف قصير الأجل في الأسواق المالية أو الاقتصاد، بالإضافة إلى تخفيضاتٍ كبيرة في القوى العاملة الفيدرالية. ولا تزال آثار زيادات أسعار الفائدة السابقة تُلقي بظلالها على بعض قطاعات الاقتصاد الأمريكي، مثل قطاعي التصنيع والإسكان.
يُشير إريك روزنجرين، الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، إلى أنه يتوقع أن يراقب الفيدرالي الوضع دون تحرك خلال الأشهر الستة المقبلة، مُضيفاً أن الرسوم الجمركية ستُبقي البنك على ثباته لجزء كبير من العام، لكنه أعرب عن دهشته من حجم زيادات الرسوم الجمركية الجديدة المُطبقة، وتلك المُتوقعة.
توقعات أسعار الفائدة الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تُعبّر بسهولة عن النطاق الواسع للنتائج المحتملة، والتي قد تُؤدي إلى خفض أسعار الفائدة أو إبقاءها دون تغيير. وقد صرّح باتريك هاركر، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، الشهر الماضي بتردّده بين خفضٍ واحدٍ أو اثنين، مُشيراً إلى عدم قدرته على خفض سعر الفائدة “مرة ونصف”.
يُذكر أن معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة تراجع إلى 2.8% في فبراير الماضي، وهو أقل من التوقعات، كما تباطأ التضخم الأساسي السنوي إلى 3.1%، وانخفض التضخم الأساسي الشهري أكثر من المتوقع.