بطل سيناء: قصة أم الشهيد النقيب محمد عبده وفخرها بتضحياته

كتب: محمد صلاح الدين
في مطلع يوليو 2015، دارت معركة ضارية في الشيخ زويد بشمال سيناء. برز خلالها بطولة النقيب محمد أحمد عبده ورفاقه الذين تصدوا لهجوم إرهابي واسع النطاق. وسط نيران كثيفة، قاتل محمد بشراسة، يسيطر على دبابة، يصد هجمات العناصر التكفيرية. ورغم إصابته، رفض التراجع، مستمرًا في إطلاق النار حتى استشهاده وهو يردد الشهادتين، كما روى زملاؤه.
وداعٌ مؤثر وذكريات خالدة
تروي والدته، السيدة أمل المغربي، تفاصيل تلك اللحظات المؤلمة لـ«الأسبوع»: «كان يوم 14 رمضان. اتصل محمد بكل أفراد أسرته، كأنه يودعنا. كان هادئًا بشكل غير معتاد. قبل 24 ساعة من استشهاده، كان هناك اختلاف واضح في كلامه، كأنه يحمل معنى عميقًا لم نفهمه وقتها». وتضيف: «أخبرني بأنه سيأخذ إجازة من 15 رمضان حتى العيد، خبر أسعدنا جميعًا، خاصة أنه كان أول رمضان منذ تخرجه من الكلية الحربية لا يقضيه معنا. استُشهد في اليوم التالي، الساعة السابعة صباحًا». تتذكر الأم لحظة تلقيها نبأ استشهاد ابنها قائلةً: «انهار شقيقه مازن، وعرفتُ الخبر منه».
محمد.. رمز الفرح والبهجة
تتحدث الأم عن محمد قائلةً: «كان مصدر فرح وسعادة في المنزل. شخصية قوية، مبتسم دائمًا، صوته يحمل الحنان والرجولة. كان يُخرج إخوته للترفيه عنهم، مُظهرًا حنانه عليهم. كان متفوقًا دراسيًا، حصل على 94% في الثانوية العامة، لكنه اختار الكلية الحربية على الهندسة. التحق بسلاح المدرعات، وتم ترشيحه لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الكونغو. بعد عودته عام 2013، طلب نقله إلى سيناء، رغبًا في الدفاع عن مصر مع الأبطال، مخبئًا ذلك عنا لكي لا نقلق عليه».
بطولة في ساحة المعركة
تروي الأم، نقلاً عن زملاء محمد، تفاصيل المعركة: «وردت معلومات عن مخطط إرهابي. لم يتردد محمد، حتى وهو بالزي المدني، في العودة إلى موقع المعركة بعد سماعه بالهجوم، وانضم إلى القتال. كان يدير المعركة من داخل دبابته، مُلحقًا خسائر فادحة بالإرهابيين، حتى استشهاده وهو يردد الشهادتين. لو نجح الهجوم، لكان الإرهابيون استولوا على الموقع ورفعوا راياتهم السوداء، لكن تضحيات محمد ورفاقه أفشلت المخطط». تُضيف الأم بفخر: «استشهاد ابني فخرٌ لي وللمصر كلها، هو بطلٌ دافع عن وطنه».
لمزيد من المعلومات حول دور القوات المسلحة المصرية في مكافحة الإرهاب، يمكنك زيارة موقع وزارة الدفاع المصرية: https://www.mod.gov.eg/
بعد رحيله.. اختبارات أخرى
تروي الأم قصة ابنتها منة، التي تأثرت بشدة باستشهاد شقيقها، وكتبت في مذكراتها عن رغبتها في اللحاق به. قبل زفافها بثلاثة أيام، رأت محمد في المنام، فاختارت الجنة على الفرح، وتوفيت. تقول الأم: «شعرتُ بقبول لقضاء الله. منة كانت متأثرة جدًا باستشهاد محمد، وكان بالنسبة لها قدوة». وتُضيف عن شقيق محمد الأصغر، مازن: «قال لي إنه سيتطوع في الجيش، مُظهرًا فخره بأخيه الشهيد».
رسالة من أمٍ شامخة
تُوجّه الأم رسالة لشباب مصر: «البلد تقوم على أكتافكم. اصمدوا، وحبوا بلدكم. مصر هتقود المنطقة. أنا مستبشرة خير. مصر تستحق التضحيات، والقيادة السياسية تدرك حجم المسؤولية. لازم نقف في ضهر قيادتنا. البلد دي باقية، وطول ما إحنا مع بعض إيد واحدة، هتكون في أمان». وتختم الأم قائلةً: «كمواطنة مصرية، وأم شهيد، سأظل أدافع عن بلدي بكل قوة لغاية أخر يوم في عمري. البلد دي دفعت فيها دم ابني، أول فرحتي، ومش ندمانة».