انحسار سوق الساعات الذكية: هل انتهى عصر الازدهار؟

كتب: أحمد خالد
لأول مرة في تاريخها، تشهد سوق الساعات الذكية العالمية تراجعًا ملحوظًا في المبيعات، وهو ما أثار جدلًا واسعًا حول مستقبل هذه الصناعة التي كانت تُسجل نموًا هائلًا في السنوات الماضية. فما هي أسباب هذا الانحدار المفاجئ، وهل ينذر بنهاية عصر ازدهار الساعات الذكية؟
تراجع غير مسبوق في مبيعات الساعات الذكية
تشير أحدث التقارير من شركة Counterpoint للأبحاث السوقية إلى انخفاض المبيعات العالمية للساعات الذكية بنسبة 7% خلال عام 2024 مقارنةً بالعام الذي سبقه. وهذا التراجع يُعتبر الأول من نوعه، مما يمثل منعطفًا حاسمًا في مسار هذه السوق. ويُعزى جزء كبير من هذا الانخفاض إلى تراجع مبيعات شركة آبل، الرائدة في هذا المجال، والتي شهدت انخفاضًا في شحنات Apple Watch بنسبة 19% خلال نفس الفترة.
دور آبل في التراجع
تلقي آبل باللوم على هذا التراجع على عدة عوامل، أبرزها قلة الابتكار في أحدث إصداراتها من الساعات الذكية. فقد انتقد الكثيرون غياب الميزات الجديدة الملموسة، بالإضافة إلى عدم إطلاق طراز Ultra 3 عالي الجودة الذي طال انتظاره. وقد أكدت أنشيكا جين، كبيرة المحللين البحثيين في Counterpoint، على أهمية هذا العامل، مشيرةً إلى أن السوق الأمريكية الشمالية، تحديدًا، تأثرت بشكل كبير بغياب Ultra 3 والترقيات البسيطة في سلسلة S10، مما دفع المستهلكين إلى التردد قبل الشراء.
عوامل خارجية مؤثرة
لم تكن أسباب التراجع حصرًا في قصور منتجات آبل. فقد تعرضت الشركة لحظر مؤقت على المبيعات والاستيراد في الولايات المتحدة خلال أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024، بسبب نزاع على براءة اختراع تتعلق بمراقبة مستوى الأكسجين في الدم. وتؤكد جين أن هذا الحظر ساهم بشكل ملحوظ في انخفاض أرقام المبيعات خلال النصف الأول من عام 2024. وعلى الرغم من ذلك، حافظت آبل على حصة سوقية تبلغ 22% خلال الربع الأخير من عام 2024، إلا أنها انخفضت من 25% في العام السابق.
يضيف ليو جيبي، المحلل الرئيسي في شركة CCS Insight، بُعدًا آخر لهذه القصة، موضحًا أن السوق وصلت إلى مرحلة من الاستقرار، حيث لم تعد الميزات الجديدة تجذب المستهلكين بنفس القدر الذي كانت عليه في السابق. فقد تحولت الساعة الذكية من منتج جديد ومثير إلى أداة يومية اعتيادية، مما يقلل من الحافز على الترقية باستمرار.
الصين كقوة صاعدة
على الرغم من التراجع العام، إلا أن السوق شهدت نموًا هائلاً في مبيعات الساعات الذكية المصنعة في الصين من شركات مثل Xiaomi و Huawei و Imoo. وهذا يدل على تحول في ديناميكيات السوق، مع بروز قوى صاعدة جديدة تتنافس بقوة مع العلامات التجارية العالمية الكبرى.
أسباب التراجع المتعدد الجوانب
يُمكن تلخيص أسباب تراجع مبيعات الساعات الذكية في عدة نقاط رئيسية:
- تشبع السوق: وصلت سوق الساعات الذكية إلى مرحلة التشبع، حيث يمتلك العديد من المستهلكين بالفعل ساعة ذكية، مما يقلل من الحاجة إلى شراء أجهزة جديدة.
- الظروف الاقتصادية: أثرت الظروف الاقتصادية العالمية السلبية، مثل التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، على الإنفاق الاستهلاكي، مما أدى إلى تقليل الطلب على المنتجات غير الضرورية، بما في ذلك الساعات الذكية.
- المنافسة الشديدة: تتميز سوق الساعات الذكية بمنافسة شرسة بين العديد من الشركات، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وتراجع الهوامش الربحية.
يبقى مستقبل سوق الساعات الذكية محل نقاش، لكن من الواضح أن هذه الصناعة بحاجة إلى الابتكار والتفكير خارج الصندوق لجذب المستهلكين مرة أخرى. فهل ستتمكن الشركات من إيجاد حلول مبتكرة تعيد إحياء هذا السوق، أم أننا نشهد بداية النهاية لعصر الساعات الذكية كما نعرفها؟