اقتصاد

مصر تحصل على شريحة جديدة من قرض صندوق النقد الدولي وسط تحديات اقتصادية

كتب: عمرو خالد

أقرّ المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي مؤخراً المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، مما مهد الطريق أمام مصر للحصول على شريحة جديدة من القرض بقيمة 1.2 مليار دولار. يُضاف هذا المبلغ إلى القرض الإجمالي البالغ 8 مليارات دولار، وهو ما يُمثل دفعة قوية للاقتصاد المصري رغم التحديات التي تواجهه.

التزام مصر بخطة إصلاح اقتصادي طموحة

تُعتبر هذه الموافقة تتويجاً لجهود الحكومة المصرية في تنفيذ إصلاحات هيكلية جوهرية تهدف إلى تحقيق الاستدامة المالية وخفض العجز في الموازنة العامة. وتُشكل هذه الإصلاحات ركيزة أساسية لتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

رفع دعم الوقود: خطوة حاسمة نحو الاستقرار المالي

أكد وزير المالية المصري، الدكتور محمد معيط، على التزام الحكومة الراسخ برفع دعم الوقود بشكل كامل بحلول ديسمبر 2025. تهدف هذه الخطوة الجريئة إلى إعادة توجيه الموارد العامة لدعم الفئات الأكثر احتياجاً من خلال برامج حماية اجتماعية مُحسّنة. وستعتمد آلية تسعير الوقود على الأسعار العالمية، مما يُعكس التزام مصر الشفاف بمعايير السوق العالمية. يُتوقع أن تُسهم هذه الإصلاحات في تعزيز القدرة على مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية، وتوفير موارد إضافية لقطاعات حيوية كالتعليم والصحة والبنية التحتية.

مؤشرات إيجابية: تراجع التضخم وانخفاض أسعار السلع

يأتي إعلان صندوق النقد الدولي بالتزامن مع تحسن ملحوظ في مؤشرات الاقتصاد المصري. فقد أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء انخفاضاً كبيراً في معدل التضخم السنوي في المدن إلى 12.8% خلال فبراير 2025، مقارنة بـ24% في العام السابق. ويُعزى هذا الانخفاض المُطمئن إلى استقرار أسعار السلع الغذائية والمنتجات الأساسية، بالإضافة إلى تحسن أداء الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي.

وجهات نظر الخبراء: تحديات وتوقعات

أبدى الدكتور محمد النجار، الخبير الاقتصادي، رأيه في موافقة صندوق النقد الدولي، مشيراً إلى أنها كانت متوقعة، وإن تأخرت لثلاثة أشهر بسبب مفاوضات مكثفة بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي حول بعض البنود الاقتصادية. وأشار النجار إلى أن قرار رفع الدعم الكامل عن الوقود بحلول نهاية عام 2025 قد يواجه بعض الصعوبات، خاصةً في ظل عدم استقرار أسعار النفط العالمية واستمرار الضغوط التضخمية. فالتفاوت الكبير بين سعر البرميل المُقدّر في الموازنة (82 دولاراً) وسعره الفعلي في السوق (بين 66 و69 دولاراً) يُشكل تحدياً حقيقياً لتنفيذ الخطة في الوقت المُحدد.

ولم يغفل النجار التحديات الاقتصادية الكبرى التي تواجه مصر، مثل أزمة قناة السويس، وأزمة اللاجئين، والتوترات الإقليمية في منطقة البحر المتوسط، والتي قد تؤثر على مسار الإصلاحات الاقتصادية. ورأى أن الحكومة ستعتمد على نهج تدريجي في تطبيق هذه الإصلاحات، مما يثير بعض الشكوك حول الالتزام برفع الدعم بالكامل في الموعد المُحدد.

على الرغم من التقدم المُحرز، إلا أن الاقتصاد المصري لا يزال يواجه تحديات كبيرة، من بينها ارتفاع تكلفة الاقتراض الخارجي، وتذبذب أسعار الطاقة عالمياً، والضغوط الاجتماعية الناتجة عن ارتفاع الأسعار. ومن المتوقع أن تُواصل الحكومة المصرية تنفيذ إجراءات هيكلية لتعزيز مناخ الاستثمار، ودعم القطاع الخاص، وتحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل.

يُجسّد صرف الشريحة الجديدة من قرض صندوق النقد الدولي ثقة المجتمع الدولي في قدرة مصر على مواصلة مسيرة الإصلاح الاقتصادي. لكن النجاح النهائي سيعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على إدارة التحديات الداخلية والخارجية، وتوجيه الموارد بكفاءة لدعم الفئات الأكثر احتياجاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى