عرب وعالم

سامسونج تعترف بالهزيمة.. والرئيس التنفيذي يدعو لموقف “إما أن تفعل أو تموت”

كتب: محمد سامي

شهد اجتماع المساهمين في شركة سامسونج بمركز مؤتمرات سوون، بكوريا الجنوبية، الأربعاء الماضي، اعتذارًا رسميًا من نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، هان جونج هي، عن الأداء الضعيف للشركة خلال العام الماضي. وقد أرجع خبراء تحدثوا لـ”الشرق” هذا التراجع إلى عدة عوامل، أبرزها المنافسة الشرسة محليًا، وتردد الشركة عن المخاطرة بالابتكار، بالإضافة إلى اجتذاب الصين للمواهب الكورية بفضل رواتبها المغرية.

انهيار سعر السهم

شهد سعر سهم سامسونج انخفاضًا حادًا، من 60.04 دولارًا أمريكيًا في يوليو 2024 إلى 39.70 دولارًا في 18 مارس، أي قبل يوم من اجتماع المساهمين. هذا الانخفاض أدى إلى خسارة رئيس مجلس الإدارة، لي جاي يونج، مكانته كأغنى شخص في كوريا الجنوبية، ليتراجع إلى المركز الثاني.

أسباب التراجع المتسارع

عانت سامسونج هذا العام في جميع قطاعاتها الرئيسية. فقد تراجعت حصتها السوقية في أجهزة التلفزيون إلى 28.3%، وفي الهواتف الذكية إلى 18%، بانخفاض قدره 1.5% عن العام السابق. وتزامن ذلك مع حالة من عدم اليقين الجيوسياسي، خاصةً بشأن التعريفات الجمركية المحتملة وخفض الدعم الحكومي.

لكن المشكلة الأبرز تكمن في قطاع أشباه الموصلات. فقد عانت شرائح الذاكرة العشوائية (DRAM) من زيادة المعروض وانخفاض الطلب، كما انخفض سعر شرائح FLASH بنسبة 30% في خريف 2024 قبل أن يبدأ في التعافي.

على الرغم من الطلب الكبير على أشباه الموصلات عالية الأداء في ظل طفرة الذكاء الاصطناعي، إلا أن سامسونج لم تستفد بشكل كافٍ. فقد واجهت رقائق HBM3E مشاكل في ارتفاع درجة الحرارة واستهلاك الطاقة، مما أدى إلى تأخير اختباراتها من قبل عميلها الرئيسي، شركة إنفيديا.

هذا الأمر سمح لشركة SK Hynix، المنافسة الكورية، بالتفوق على سامسونج في سوق رقائق الذكاء الاصطناعي، محققة أرباحًا تشغيلية أكبر للمرة الأولى على الإطلاق.

مشكلات رقائق HBM

أكد سونج سو إريك كيم، الأستاذ المساعد بجامعة يونسي والرئيس التنفيذي لشركة Datacrunch Global، أن SK Hynix سارعت إلى تلبية احتياجات إنفيديا من رقائق HBM، مستحوذة على حصة كبيرة من هذا السوق المربح. وأضاف أن سامسونج واجهت صعوبات في جودة رقائق HBM من حيث الإنتاجية ودرجة الحرارة واستهلاك الطاقة. وقد يرى البعض أن سامسونج قللت من تقدير سرعة نمو الطلب على ذاكرة الذكاء الاصطناعي، مركزةً بشكل مفرط على أسواق DRAM و NAND التقليدية.

في اجتماع المساهمين، اعترف نائب رئيس مجلس الإدارة، جون يونج هيون، المسئول عن قطاع أشباه الموصلات، بهذا التأخر، مؤكدًا على دور رقائق HBM3E ذات الـ 12 طبقة في السوق خلال الربع الثاني أو الثالث من هذا العام على أبعد تقدير.

من جانبه، أشار نائب الرئيس هان جونج هي إلى زيادة الأرباح التشغيلية وقيمة العلامة التجارية التي تجاوزت 100 مليار دولار أمريكي لأول مرة في عام 2024، مؤكدًا على وضع الأساس لقفزة نوعية جديدة.

الخوف من المخاطرة.. وثقافة الشركة

رغم استثمارات سامسونج الضخمة في المرافق والبحث والتطوير، إلا أن خبراء يرون أن المشكلة أعمق من ذلك، حيث يرى كيم سيجين، محلل السياسات في مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار، أن سامسونج بحاجة لإصلاح ثقافتها الداخلية، وأن هيكلها الذي يتجنب المخاطرة، بالإضافة إلى رحيل كبار المديرين، أبطأ التقدم. ويؤكد أن استعادة التفوق يتطلب تمكين المهندسين والمديرين من المخاطرة والتحرك بسرعة أكبر.

الخطر الصيني: استقطاب المواهب

يُشكل صعود صناعة أشباه الموصلات في الصين خطرًا آخر، حيث تجذب الشركات الصينية المهندسين الكوريين برواتب أعلى بمرتين أو ثلاث مرات من رواتبهم في الشركات الكورية. ويُعدّ هذا الأمر تحديًا كبيرًا لسامسونج، خاصةً مع نقص المهندسين في كوريا.

مستقبل سامسونج

تُعد قدرة سامسونج على الاستفادة من طفرة رقائق الذكاء الاصطناعي مفتاح نجاحها في ظل المنافسة الشديدة. رغم أن رقائقها الجديدة قد تساعد في التعافي لاحقًا، إلا أن نائب الرئيس هان حذّر من صعوبة عام 2025 بسبب عدم اليقين الاقتصادي. وتخطط سامسونج لخلق محركات نمو جديدة في قطاعات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتكنولوجيا الطبية، حيث عرضت روبوتها الجديد “Ballie” للمساهمين.

على الرغم من التركيز على المستقبل، إلا أن بعض المساهمين يطالبون برؤية نتائج سريعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى