عرب وعالم

أزمة أوكرانيا: العقبات أمام السلام وفرص التعاون المستقبلي

كتب: أحمد جمال الدين

لا تزال مسألة الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها روسيا تشكل العائق الأكبر أمام أي تسوية سلمية للحرب الدائرة. فقد وصف المبعوث الأمريكي السابق، ستيف ويتكوف، وضع شبه جزيرة القرم والأقاليم الأوكرانية الأربع (دونيتسك، لوهانسك، زابوريجيا، خيرسون) بأنه العقبة الرئيسية أمام إنهاء الحرب.

استفتاءات ومواقف متشددة

في مقابلة مع تاكر كارلسون، أكد ويتكوف أن هذه المناطق تمثل جوهر الصراع، وأن الأطراف تتجنب مناقشة مصيرها. ورغم اعتباره المحادثات مع روسيا بمثابة «معجزة دبلوماسية»، أصرّ على أن ضمّ هذه المناطق، التي تشكل نحو 15% من أراضي أوكرانيا، يُمثل عائقًا جوهريًا. وقد واجه ويتكوف لحظة محرجة خلال المقابلة نسي فيها أسماء المناطق الأربع، الأمر الذي أثار تساؤلات حول معرفته بملف الصراع.

يُشار إلى أن روسيا أجرت في سبتمبر 2022 استفتاءات في هذه المناطق، تحت سيطرة جيشها، أظهرت نتائجها تأييد الانضمام لروسيا. لكن كييف والمجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، اعتبروا هذه الاستفتاءات غير قانونية وغير شرعية، أجريت تحت الإكراه وبغياب الشفافية. في المقابل، زعم ويتكوف أن نتائج الاستفتاءات تعكس رغبة حقيقية لدى السكان، مستندًا إلى انتشار اللغة الروسية وروابط تاريخية وثقافية عميقة.

مفاوضات السعودية وإشكالية الاعتراف

من المقرر أن تستأنف المحادثات في جدة، السعودية، يوم الإثنين، بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من واشنطن وموسكو وكييف، في إطار مبادرة سعودية. وأثار ويتكوف تساؤلات حول إمكانية اعتراف المجتمع الدولي بهذه المناطق كأراضٍ روسية، مشيرًا إلى أن هذا قد يُعيد تشكيل الخريطة الجيوسياسية لأوروبا الشرقية. وتساءل: «هل يمكن لزيلينسكي البقاء في السلطة إذا تنازل عن أراضٍ يعتبرها الشعب الأوكراني جزءًا لا يتجزأ من هويته؟»

بوتين بين «الذكاء» و«الكرم».. مفاجآت دبلوماسية

أعرب ويتكوف عن إعجابه ببوتين، واصفًا إياه بـ«الذكي» و«المباشر»، وكشف عن تفاصيل حول علاقته الشخصية بترامب. فقد تلقى تحذيرًا من مسؤول رفيع في إدارة ترامب قبل لقائه ببوتين: «احذر.. إنه عميل سابق في الكي جي بي، ولن تنجح في قراءة نواياه». لكن ويتكوف دافع عن خلفية بوتين الأمنية، قائلًا: «في الحقبة السوفياتية، كان الانضمام للكي جي بي حكرًا على النخبة المثقفة.. بوتين ليس مجرد سياسي، بل استراتيجي مُحنّك». وكشف عن مفاجآت، منها أن بوتين كلف فنانًا برسم لوحة لترامب بتكلفة باهظة، وأنّه صلى في كنيسته من أجل شفاء ترامب بعد محاولة اغتياله عام 2020، واصفًا ذلك بـ«التصرف الإنساني النادر».ويتكوف ضمن الوفد الأمريكي الذي التقى بالمسؤولين الروس في الرياض

ما بعد الحرب.. شراكة في الطاقة والذكاء الاصطناعي؟

أشار ويتكوف إلى أن حل الأزمة الأوكرانية قد يُعيد تشكيل التحالفات العالمية، ويمهّد لشراكة بين واشنطن وموسكو في مجالات حيوية، مثل الطاقة في القطب الشمالي، وتقاسم الممرات البحرية، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وحتى تصدير الغاز الطبيعي المسال لأوروبا. وختم بتساؤل فلسفي: «من لا يرغب في عالم تتعاون فيه القوى العظمى؟»، مُعربًا عن تفاؤله بإمكانية تحوّل الصراع الأوكراني من نقطة اشتعال إلى جسر للتعاون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى