مأساة قطار بلوشستان: معركة دامية بين الانفصاليين والجيش الباكستاني

كتب: عمر فاروق
شهدت منطقة نائية في جنوب غرب باكستان، بالقرب من ممر بولان، حدثاً مروعاً أثار قلقاً عالمياً. فقد هاجم مسلحون انفصاليون قطاراً كان يقل أكثر من 450 راكبًا، ما أدى إلى اشتباكات عنيفة مع القوات الباكستانية. وقد خلّف هذا الهجوم آثاراً مأساوية، حيث تمكنت القوات الباكستانية من تحرير 190 راكبًا حتى الآن، بينما لا يزال مصير المئات الآخرين مجهولاً.
تفاصيل الهجوم والاشتباكات
تُشير التقارير الأولية إلى أن جماعة مسلحة، يُعتقد أنها تابعة لجيش تحرير بلوشستان، سيطرت على القطار داخل نفق في منطقة دادار، وهي منطقة جبلية وعرة يصعب الوصول إليها. وقد أظهرت هذه الجماعة قدرة تخطيطية عالية، حيث تمكنت من تعطيل خط السكك الحديدية قبل الهجوم. وقد أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن الهجوم، وذكرت أن بين الرهائن أفرادًا من الجيش الباكستاني ومسؤولي أمن كانوا في طريقهم لقضاء عطلة.
وقد دفع هذا الهجوم قوات الأمن الباكستانية إلى شن عملية إنقاذ واسعة النطاق، واجهت خلالها تحديات كبيرة بسبب تضاريس المنطقة الوعرة وبعدها. وحتى الآن، أعلنت السلطات الباكستانية مقتل ما لا يقل عن 30 مسلحاً، فيما أشارت إلى مقتل 10 أشخاص على الأقل من ركاب القطار، بينهم سائق القاطرة، إلا أن العدد النهائي للضحايا لا يزال غير واضح.
مطالب جيش تحرير بلوشستان
أصدر جيش تحرير بلوشستان بيانًا أعلن فيه مسؤوليته عن الهجوم، مشيراً إلى أن العملية تأتي رداً على ما وصفه بـ”الانتهاكات” التي ترتكبها الحكومة الباكستانية ضد شعب بلوشستان. وقد حددت الجماعة مهلة 48 ساعة للحكومة الباكستانية للإفراج عن السجناء السياسيين والناشطين والمفقودين البلوش الذين تعتبرهم الجماعة “مختطفين” على يد الجيش الباكستاني. وقد هددت الجماعة بقتل عشرة رهائن كرد فعل على أي عمل عسكري خلال هذه المهلة، كما هددت بتدمير القطار بالكامل في حال عدم الاستجابة لمطالبها.
وتُعدّ هذه الجماعة من أبرز الجماعات الانفصالية في إقليم بلوشستان، وهي تسعى منذ سنوات طويلة إلى نيل الاستقلال عن باكستان. وتعتبر هذه المنطقة غنية بالثروات الطبيعية، مما يزيد من تعقيد الصراع بين الجماعة والحكومة الباكستانية.
التحديات التي تواجه عملية الإنقاذ
تواجه عملية الإنقاذ تحديات كبيرة، أبرزها وعورة المنطقة وتضاريسها الجبلية التي تعيق حركة القوات الباكستانية. كما أن عدد الرهائن الكبير وغياب معلومات دقيقة عن أماكن تواجد المسلحين يزيد من صعوبة العملية. وتُشير التقارير إلى أن السلطات الباكستانية تعمل على التنسيق مع قوات الأمن المحلية للتوصل إلى حل سلمي، مع الاستعداد لإجراء عملية عسكرية في حال فشل المفاوضات.
يُعتبر هذا الهجوم من أخطر الهجمات التي تستهدف المدنيين في باكستان في السنوات الأخيرة، وهو يُبرز التوترات الأمنية المتصاعدة في إقليم بلوشستان، ويدل على تعقيد الصراع بين الحكومة الباكستانية وجماعات الانفصاليين.
يُتوقع أن تستمر الأحداث في التطور خلال الساعات القادمة، وسيتابع العالم بقلق تطورات هذا الحدث المأساوي والجهود المبذولة لإنقاذ الرهائن.