قمة القاهرة الثلاثية: مصر ترسم ملامح مستقبل غزة وتعيد ترسيخ دورها المحوري

كتب: أحمد محمود
في ظلِّ التطورات المتسارعة التي تشهدها القضية الفلسطينية، خاصةً في قطاع غزة، انعقدت القمة الثلاثية المصرية الفرنسية الأردنية بالقاهرة، لتُلقي بظلالها على المشهد السياسي الإقليمي، وتُرسِّخ دور مصر المحوري في رسم ملامح مستقبل المنطقة. جاءت القمة لتؤكد على أهمية التعاون والتكاتف الدولي في مواجهة التحديات، ووضع حلول جذرية للأزمة.
مصر: وسيط مسؤول ورئيسي في إعادة الإعمار
أبرز البيان الختامي للقمة الدور المحوري لمصر كوسيط مسؤول في معادلة التهدئة الفلسطينية الإسرائيلية. فهي لا تكتفي بالوساطة بين الأطراف، بل تتبنى دور الراعي السياسي لخطة إعادة إعمار غزة، مما يعكس ثقلها السياسي والإقليمي. وجمعها لقائدين إقليميين ودوليين بحجم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، يؤكد على قدرتها على حشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.
الحوكمة الفلسطينية: شرط أساسي لإعادة الإعمار
شدَّدت مصر على ضرورة أن تكون الحوكمة والنظام والأمن في غزة تحت مظلة السلطة الوطنية الفلسطينية، وهو ما يُعدُّ رفضًا قاطعًا لأيِّ سيناريوهات بديلة تُهمِّش القيادة الفلسطينية، أو تُفرض وصاية أجنبية على القطاع. هذا الموقف يُعزِّز من شرعية السلطة الفلسطينية، ويُؤكِّد على أهمية دورها في إدارة شؤون القطاع.
خطوط حمراء مصرية: لا للتهجير ولا للضم
جاء البيان الختامي ليؤكد رفض مصر القاطع لسياسات التهجير القسري للفلسطينيين وضم الأراضي، وهو موقف ثابت في السياسة المصرية، إلا أنه اتخذ في هذا البيان طابعًا أكثر حدة في ظلِّ تصاعد الدعوات الإسرائيلية لترحيل سكان غزة. هذه الخطوط الحمراء التي وضعتها مصر تُعبِّر عن موقفها الراسخ تجاه القضية الفلسطينية، وحرصها على حماية حقوق الشعب الفلسطيني.
القانون الدولي: مرجعية ملزمة
استندت مصر في بيانها إلى القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني كمرجعية مُلزمة للأطراف، خاصةً إسرائيل، لوقف الانتهاكات ضد الفلسطينيين. هذا التأكيد يُعزِّز من موقف مصر التفاوضي في المحافل الدولية، ويربط الدعم الإنساني المُقدَّم للفلسطينيين بالأطر القانونية الدولية.
إعادة الإعمار: رؤية مصرية شاملة
ربط البيان بين التهدئة الإنسانية وإطلاق خطة إعادة إعمار غزة، وهو ما يعكس الفهم المصري بأن أي عملية إعادة إعمار دون اتفاق سياسي وأمني شامل ستكون عُرضة للانهيار. كما أكَّد على أهمية ربط إعادة الإعمار بالحوكمة، وهو ما يعني أن مصر تُريد ضمانات سياسية مُقابل أي انخراط اقتصادي أو لوجستي في غزة.
من المبادرات الموضعية إلى قيادة مسار طويل المدى
بدعمها لمؤتمر يونيو المرتقب بباريس، وللقمة المُقبلة لإعادة إعمار غزة، تنتقل مصر من مُربع المبادرات الموضعية إلى قيادة مسار طويل المدى لتسوية الصراع. وهذا يُترجم رغبة القاهرة في أن تكون المرجعية السياسية والإدارية لأيِّ ترتيبات في غزة.
القدس: في قلب الرؤية المصرية
رغم تركيز البيان على الوضع في غزة، إلا أن مصر لم تُغفل الإشارة إلى القدس، وهو ما يُؤكِّد رؤيتها الشاملة للقضية الفلسطينية. فالدفاع عن الوضع القائم في الأماكن المُقدسة الإسلامية والمسيحية يحمل أبعادًا دينية وسياسية وأمنية، ويُصبُّ في تثبيت مركزية القضية الفلسطينية.
التزامات دولية وحماية المدنيين
أكد البيان على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي في حماية المدنيين وعمال الإغاثة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. كما طالب بوقف الإجراءات الأحادية التي تُعرقل حل الدولتين، واحترام الوضع التاريخي في الأماكن المُقدسة.