السيسي وماكرون في الحسين: جولة رئاسية تعزز آلاف السنين من التبادل الثقافي المصري الفرنسي

كتب: أحمد المصري
تشهد العلاقات المصرية الفرنسية زخمًا متجددًا، لاسيما في المجال الثقافي، حيث تُمثل هذه العلاقات امتدادًا لتاريخ طويل من التبادل الثقافي والحضاري بين البلدين. فقد ساهمت الثقافة الفرنسية بشكل بارز في تشكيل الفكر المصري الحديث، بدءًا من عصر محمد علي باشا وصولًا إلى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وتأتي زيارات الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون المتبادلة لتؤكد على حرص القيادة السياسية في كلا البلدين على تعزيز هذه الروابط التاريخية.
عام الثقافة المصرية الفرنسية 2019: إنجاز تاريخي
شهد عام 2019 إعلانًا تاريخيًا من قِبل القيادة السياسية في مصر وفرنسا بتنظيم عام للثقافة المصرية الفرنسية، ليكون تتويجًا للعلاقات المتميزة بين البلدين، حيث تم تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية المشتركة. وقد جاء هذا القرار تزامنًا مع مرور 150 عامًا على افتتاح قناة السويس، وهو الحدث الذي مثّل نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين.
قناة السويس: نقطة تحول في العلاقات المصرية الفرنسية
كان افتتاح قناة السويس في منتصف القرن التاسع عشر بمثابة جسر ثقافي واقتصادي ربط مصر بأوروبا، وعزز من التبادل الثقافي بين مصر وفرنسا. وقد ساهمت قناة السويس في ازدهار الاقتصاد المصري، وانتعاش الحركة التجارية، مما انعكس إيجابًا على التبادل الثقافي بين البلدين. وقد أكدت كاترين موران ديسيلي، رئيس لجنة الثقافة والتعليم والاتصال بمجلس الشيوخ الفرنسي، خلال زيارتها لمصر، على تقدير فرنسا لدور مصر المحوري في الثقافة الفرنسية، والروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين.
دور المدارس الفرنسية في تعزيز التبادل الثقافي
لعبت المدارس الفرنسية في مصر دورًا مهمًا في تعزيز الثقافة الفرنسية، ونشر التعليم باللغة الفرنسية، مع الحفاظ على الهوية الوطنية المصرية. وقد ساهمت هذه المدارس في تخريج أجيال من المصريين الذين يتمتعون برؤية عالمية، ويجسدون نموذجًا ناجحًا للتعاون الثقافي والتربوي بين البلدين.
جولة رئاسية في الحسين: رمز للتواصل الثقافي
في خطوة رمزية تعكس عمق العلاقات الثقافية بين مصر وفرنسا، قام الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بجولة في منطقة الحسين التاريخية بالقاهرة. وتُعد منطقة الحسين من أهم المعالم السياحية والثقافية في القاهرة، حيث تضم جامع الحسين، أحد أقدم المساجد في المدينة، إضافة إلى الأسواق التقليدية والمباني ذات الطراز المعماري الفريد. وقد أتاحت هذه الجولة للرئيس الفرنسي فرصة للتعرف على التراث الثقافي المصري العريق.
رواد النهضة المصرية وتأثرهم بالثقافة الفرنسية
شهدت العلاقات الثقافية بين مصر وفرنسا ازدهارًا كبيرًا عبر التاريخ، حيث ساهمت البعثات المصرية إلى باريس في تشكيل الفكر المصري الحديث. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، رفاعة الطهطاوي، أحد رواد النهضة المصرية، والذي تأثر بشكل كبير بالثقافة الفرنسية خلال فترة إقامته في باريس. كما يعتبر الأديب المصري الكبير طه حسين، أحد أبرز رموز الثقافة المصرية، نتاجًا للتبادل الثقافي بين البلدين، حيث درس في جامعة السوربون بباريس.