ألمانيا على مفترق طرق: حكومة جديدة وسط تحديات هجرة ودفاعية

كتب: محمد عبد المنعم
تتسارع وتيرة مفاوضات تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة، وسط آمال بتوليها المسؤولية سريعًا، إلا أن التحديات الجمة تلوح في الأفق. فالاتحاد المسيحي (يمين وسط)، الفائز بانتخابات فبراير الماضي، يخوض مفاوضات شاقة مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) لتشكيل حكومة بقيادة رئيس الاتحاد، فريدريش ميرتس.
سياسات الهجرة: صرامة متزايدة
بعد مفاوضات استكشافية، توصل الحزبان إلى نص أولي يتضمن الخطوط العريضة فقط، على أن تتواصل المفاوضات المكثفة خلال الأسابيع المقبلة لتحديد تفاصيل الاتفاق النهائي وتوزيع الحقائب الوزارية. ويتجه الاتفاق نحو نهج أكثر صرامة تجاه الهجرة، مستجيبًا لنتائج الانتخابات التي شهدت أفضل أداء لأقصى اليمين منذ الحرب العالمية الثانية، وفقًا لما اطلعت عليه العين الإخبارية. ويتضمن هذا النهج زيادة سعة مراكز احتجاز المهاجرين، وتعليق لم شمل الأسر لمدة عامين، وتوسيع قائمة الدول الآمنة لتشمل الجزائر، الهند، المغرب، وتونس، بالإضافة لإجراءات جديدة لترحيل المدانين، وإلغاء المساعدة القانونية الإلزامية قبل الترحيل. هذا الاتفاق يُعدّ الأشد صرامةً على صعيد سياسات الهجرة في ألمانيا منذ عقود. إلا أن خلافات لا تزال قائمة، فالحزب الاشتراكي الديمقراطي يرفض حتى الآن مطالب الاتحاد المسيحي بإنشاء مراكز لمعالجة طلبات اللجوء في دول أخرى.
الاستثمار الدفاعي: خلافات جوهرية
بخلاف ملف الهجرة، تتواصل الخلافات حول الإنفاق الدفاعي. يضغط الاتحاد المسيحي لزيادة الاستثمار بشكل جذري إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزًا هدف الناتو البالغ 2%. هذا الهدف، إذا تحقق، سيرفع ألمانيا إلى مصاف القوى العسكرية العالمية، مع تداعياته الكبيرة على الدفاع الأوروبي. بينما يوافق الحزب الاشتراكي الديمقراطي على ضرورة تعزيز القوات المسلحة، إلا أنه يرفض الوصول إلى هذا الحد. وفي ظل تهديدات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بإضعاف الحماية الأمريكية لأوروبا، يدفع ميرتس لإعادة الخدمة العسكرية الإلزامية، بينما يفضل الحزب الاشتراكي الديمقراطي إبقاءها طوعية (علماً بأن ألمانيا ألغتها عام 2011). وعلى الرغم من ذلك، اتفق الحزبان على تعزيز التقنيات العسكرية المستقبلية، بما في ذلك الأنظمة غير المأهولة، والذكاء الاصطناعي، والحرب الإلكترونية، والأنظمة السيبرانية، والأنظمة الأسرع من الصوت، بالإضافة لتوسيع القدرات الدفاعية في الفضاء ووضع استراتيجية وطنية للفضاء خلال العام الأول للحكومة. كما وعدت ورقة المفاوضات بـ”نقطة تحول في الأمن الداخلي“ بتعزيز سلطات الأمن والدفاع المدني ومكافحة الكوارث، وتزويدها بـ”قدرات جديدة وعدد كافٍ من الموظفين“.
ألمانيا ودورها في الناتو
يسعى الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي لجعل ألمانيا لاعباً مركزياً في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ويزيدان من الجاهزية العملياتية للقوات المسلحة. ويُشدد النص على ضرورة سياسة خارجية ودفاعية ألمانية أقوى، ويُصنف روسيا كـ”التهديد الأكبر والأكثر مباشرة“، والصين كـ”منافس“. ويؤكد الحزبان على أهمية التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية.