كتب: أحمد خالد
وصف الدكتور محمد محمود مهران، الخبير في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، قرار إسرائيل بقطع الكهرباء عن قطاع غزة خلال شهر رمضان بأنه جريمة حرب بكل معنى الكلمة، جريمة تُضاف إلى سلسلة طويلة من انتهاكات حقوق الإنسان والإمعان في إذلال شعب بأكمله. وأشاد الدكتور مهران، في تصريح صحفي، بموقف مصر الحازم الرافض لهذه الممارسات اللاإنسانية.
انتهاك صارخ للقانون الدولي
اتفاقية جنيف الرابعة والمسؤولية الدولية
أكد الدكتور مهران أن قرار قطع الكهرباء يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وتحديداً اتفاقية جنيف الرابعة. هذه الاتفاقية تحظر بشكل قاطع العقاب الجماعي للسكان المدنيين، وتلزم قوة الاحتلال بتوفير الاحتياجات الأساسية لهم، بما في ذلك الكهرباء، وهو حق أساسي من حقوق الإنسان. توقيت هذا القرار، بالتزامن مع شهر رمضان المبارك، يزيد من فداحة الجريمة، حيث يُظهر استهتاراً واضحاً بالقيم الدينية والإنسانية، ويعكس سياسة ممنهجة للإذلال والترهيب. فقطع الكهرباء في هذا الشهر الكريم يحرم المدنيين من أبسط حقوقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بكرامة ويسر.
موقف مصر المشرف والدعم الدولي المطلوب
التزام مصر بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني
أشاد الدكتور مهران بموقف مصر الرسمي، كما جاء في بيان وزارة الخارجية، مؤكداً أن إدانة مصر لقطع الكهرباء عن غزة تعكس التزامها الراسخ بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ورفضها القاطع لسياسات العقاب الجماعي. وهذا الموقف، بحسب الدكتور مهران، يستند إلى أسس قانونية راسخة في القانون الدولي الإنساني، ويُعد نموذجاً يحتذى به في دعم الحقوق الإنسانية.
الأبعاد القانونية للقرار الإسرائيلي
المادة 33 و 55 من اتفاقية جنيف الرابعة
شرح الدكتور مهران الأبعاد القانونية للقرار الإسرائيلي بالتفصيل، مستشهداً بالمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر بشكل قاطع العقوبات الجماعية وجميع تدابير التهديد أو الإرهاب. كما أشار إلى المادة 55، التي تلزم دولة الاحتلال بتزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية، وهي مهام مستحيلة دون توفر الكهرباء. إن قطع الكهرباء عن المستشفيات ومحطات تحلية المياه ومرافق الصرف الصحي يمثل تهديداً مباشراً لحياة مئات الآلاف من المدنيين، وهو ما قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية إذا تسبب في وفيات جماعية نتيجة تفشي الأمراض ونقص الرعاية الطبية.
معاناة الصائمين وتداعياتها الصحية
تأثير قطع الكهرباء على حياة المدنيين
شدد الدكتور مهران على أن شهر رمضان يتطلب احتياجات خاصة للصائمين، من حفظ الأغذية وتحضير وجبات الإفطار والسحور. قطع الكهرباء يحول حياة الصائمين إلى معاناة يومية، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وصعوبة حفظ الطعام والدواء. كما أن المستشفيات تعتمد بشكل أساسي على الكهرباء لتشغيل أجهزة الإنعاش والتنفس الصناعي والحضانات وغرف العمليات. قطع الكهرباء سيؤدي حتماً إلى وفاة عشرات المرضى، خاصة الأطفال وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة. هذا الوضع يفاقم الكارثة الإنسانية القائمة أصلاً في قطاع غزة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه النظيفة.
المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية
دعوة للتحرك الفوري وفرض العقوبات
ناشد الدكتور مهران المجتمع الدولي، وتحديداً الدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف، باتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الانتهاكات. الصمت على هذه الجرائم يُمثل تواطؤاً ضمنياً وإخلالاً بالالتزامات القانونية. كما طالب مجلس الأمن الدولي بالتدخل الفوري لإلزام إسرائيل باحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، وضمان وصول الكهرباء والمساعدات الإنسانية إلى سكان غزة دون عوائق. وأشار إلى أن التاريخ سيشهد على هذا التراخي ضد الإنسانية، وأن الجهاز المنوط به الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين فقد دوره بسبب استخدام حق الفيتو بشكل غير قانوني من قبل بعض الدول.
واقترح الدكتور مهران ضرورة إنشاء ممر إنساني آمن تحت إشراف الأمم المتحدة أو لجنة دولية لضمان وصول الوقود والمساعدات الإنسانية، وفرض عقوبات محددة على المسؤولين عن قرارات قطع الكهرباء والمياه عن المدنيين. يجب اتخاذ إجراءات فورية ورادعة ضد إسرائيل، بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية، فردية أو جماعية، لحملها على الالتزام بالقانون الدولي الإنساني على الأقل. في الختام، أكد الدكتور مهران أن قطع الكهرباء عن غزة خلال رمضان يمثل جريمة أخلاقية قبل أن تكون جريمة قانونية، مناشداً العالم إدراك معاناة مئات الآلاف من البشر في غزة، وأن صمت المجتمع الدولي يشجع على استمرار هذه الانتهاكات.