عرب وعالم

أوكرانيا: معارك ضارية تُبدد آمال الهدنة وتُعيد رسم خريطة الحرب

كتب: محمود الكاشف

فيما تتواصل المساعي الدبلوماسية لإرساء هدنة في أوكرانيا، تشتعل جبهات القتال بوتيرة غير مسبوقة منذ أشهر، مما يعكس واقعًا معقدًا يُباعد فرص السلام. فالحرب الضروس لا تهدأ، وتبدو آمال السلام الدائم سراباً في أفق مُعتم، حيث يرى المراقبون أن الاشتباكات الحالية ليست مجرد مساعٍ لتحقيق مكاسب تفاوضية، بل تُجسد تشكيكاً عميقاً في إمكانية إنهاء الصراع بشكل نهائي، حتى مع حديث الإدارة الأمريكية السابقة عن “تقدم في المفاوضات”.

تقدّم روسي بطيء وتكتيكات أوكرانية جديدة

ووفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز“، فإن الخطوات التدريجية المُحققة، مثل تهدئة الأوضاع في البحر الأسود، لا تُعتبر مؤشراً على اقتراب السلام. فمعظم الجنود والمدنيين الأوكرانيين لا يزالون مُقتنعين باستمرار القتال، فيما تُعزز الأطراف المتحاربة مواقعها استعداداً للمعارك المستقبلية. وعلى الأرض، يواجه التقدم الروسي عقبات كبيرة، إذ أكد محللون عسكريون تباطؤ القوات الروسية بشكل ملحوظ، رغم استمرار موسكو في شن هجماتها.

وفي الخطوط الأمامية، أشار الجنود والقادة الأوكرانيون إلى عوامل عززت صمودهم، منها استراتيجيات دفاعية حديثة تعتمد على الطائرات المسيّرة، والتكيف السريع مع التهديدات المتغيرة، إضافة إلى إرهاق ملحوظ في صفوف القوات الروسية. كما ساهمت القيادة الجديدة لقوات المشاة، بقيادة الجنرال ميخايلو دراباتي، في رفع الروح المعنوية.

إعادة تموضع القوات وتصاعد حرب المسيّرات

أعادت التطورات العسكرية الأخيرة، لا سيما انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة كورسك الروسية في أغسطس الماضي، تشكيل خريطة القتال. إذ أعيد نشر عشرات الآلاف من الجنود الروس الذين تمركزوا في كورسك إلى مناطق أخرى، مما خفف الضغط عن جبهات مثل كوبيانسك، حيث انخفضت الهجمات الجوية الروسية بنسبة 50%.

في المقابل، تشهد حرب الطائرات المسيّرة تطوراً متسارعاً، مع تعزيز روسيا لقدراتها عبر تزويد طائراتها بكابلات ألياف بصرية فائقة الدقة، مما يزيد من مقاومتها للـتشويش الإلكتروني. وأوضح الكولونيل دميترو باليسا، قائد اللواء الآلي 33 الأوكراني، أن القوات الأوكرانية تكبدت خسائر فادحة بعد إدخال هذه التقنية.

مستقبل الصراع: رهان أوكراني على استنزاف روسيا

ورداً على هذه المستجدات، عدلت أوكرانيا تكتيكاتها القتالية، متخلية عن المركبات الثقيلة، معتمدة على الدراجات الرباعية والخفيفة، إلى جانب تزويد جنودها بعباءات تُخفي حرارة أجسادهم، واستخدام شباك تمويه فوق الطرق الاستراتيجية لتقليل فعالية الهجمات الجوية. تمثل هذه التغييرات، إلى جانب إعادة هيكلة الجيش، رهان كييف على مواصلة القتال، رغم تضاؤل الدعم العسكري الأمريكي والضغوط الغربية للدخول في مفاوضات وقف إطلاق النار. يبدو الجنود الأوكرانيون على قناعة باستمرار الحرب، إلى أن يصبح ثمنها باهظاً على الكرملين، أو تنجح أوكرانيا في بناء قوة ردع تمنع أي عدوان مستقبلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى