مسلحون سود يجوبون أوهايو.. هل تشتعل أمريكا بحرب أهلية؟

كتب: محمود عبد العزيز
في مشهدٍ أعاد للأذهان ذكريات الستينيات المضطربة، تجوب مجموعات من المواطنين الأمريكيين من أصول أفريقية، مدججين بالسلاح، شوارع ضاحية لينكولن هايتس التاريخية في سينسيناتي بولاية أوهايو. وتأتي هذه الخطوة ردًا على استفزازات عنصرية تعرض لها السكان السود، وسط اتهامات للشرطة المحلية بالتخاذل عن حمايتهم، وفقًا لما أوردته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
شرارة الأزمة
اندلعت شرارة التوتر في فبراير الماضي، عندما تجمع نحو 12 شخصًا أبيض على جسر يربط لينكولن هايتس، ذات الأغلبية السوداء، بضاحية إيفينديل البيضاء، رافعين لافتات عنصرية تحمل شعارات من قبيل “أمريكا للرجل الأبيض”. وزاد الطين بلة ما وصفه شهود عيان بتعاطف الشرطة مع المتطرفين البيض، الذين غادروا المكان دون أي مساءلة. ثم تلا ذلك توزيع منشورات عنصرية من قبل عضو في جماعة “كو كلوكس كلان” المتطرفة، والذي اكتفى رجال الأمن بتغريمه مبلغًا زهيدًا، مما أثار غضب السكان السود وزاد من فقدان ثقتهم في السلطات.
حق الدفاع عن النفس؟
يرى منظمو الدوريات الأمنية من السود أن حمل السلاح حق دستوري مكفول، خاصة في ولاية أوهايو التي تسمح بحمل السلاح علنًا دون تصريح. ويقول دارونس دانييلس، أحد المنظمين: “نحن نحمي مجتمعنا من تهديدات خارجية، بينما تُقصر الشرطة في واجبها”. في المقابل، حذرت سلطات مقاطعة هاميلتون من أن تسليح المدنيين قد يشعل فتيل مواجهات دموية، واقترحت حظر ارتداء الأقنعة أثناء حمل السلاح.
لينكولن هايتس.. رمز للنضال ثم للتراجع
تمثل لينكولن هايتس رمزًا تاريخيًا لنضال السود من أجل الحرية والمساواة، حيث كانت أول بلدة ذاتية الحكم للسود شمال خط ماسون-ديكسون في عشرينيات القرن الماضي، ومحطة رئيسية على طريق السكك الحديدية الذي ساهم في بناء مجتمع جديد للعبيد المحررين. إلا أن المنطقة شهدت تراجعًا اقتصاديًا حادًا، حيث انخفض عدد سكانها إلى النصف خلال ستة عقود، بينما ازدهرت الضواحي البيضاء المجاورة، مما فاقم الفجوة العرقية والاقتصادية.
ترامب.. وقود الكراهية؟
يربط بعض سكان لينكولن هايتس تصاعد موجة العنصرية بسياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، متهمين إياه بتفكيك سياسات دعم الأقليات. وتقول سيريثا براون، إحدى سكان المنطقة: “ترامب وإيلون ماسك ونائبه جي دي فانس يغذون نار الكراهية”.
مخاوف من حرب أهلية
أظهرت استطلاعات الرأي أن 47% من الأمريكيين يعتقدون أن بلادهم تتجه نحو حرب أهلية. ويرى البروفيسور ويليام أومفريس من جامعة سينسيناتي أن الأزمة تعكس فقدان الثقة في الحكومة، قائلًا: “عندما لا يشعر الناس بالحماية الرسمية، يلجأون لحماية أنفسهم”. فيما يحذر خبراء من أن العنف المخطط قد يكون هدفًا لمجموعات تسعى لاستفزاز السود وإشعال فتيل الصراع. ويجمع المراقبون على أن تدهور الثقة في المؤسسات وانتشار السلاح يخلقان بيئة متفجرة، تكفي شرارة صغيرة لإشعالها.