منوعات

الصين تُغيّر قواعد اللعبة.. سباق الذكاء الاصطناعي يتّخذ منحنى جديدًا

كتب: عمرو خالد

تشهد ساحة الذكاء الاصطناعي تحولاتٍ مذهلة، خاصةً مع ظهور نماذج صينية متقدمة تنافس بقوة عمالقة التكنولوجيا الأميركية. فبفضل الجمع بين الأداء المتميز والأسعار التنافسية، تُعيد الشركات الصينية رسم خريطة المنافسة، مما يُجبر اللاعبين العالميين على إعادة النظر في استراتيجياتهم.

بايدو تقتحم الساحة بقوة

أطلقت شركة بايدو الصينية، العملاقة في مجال الإنترنت والذكاء الاصطناعي، نموذجها Ernie X1، الذي يُضاهي في أدائه DeepSeek R1، لكن بسعرٍ أقل بنسبة 50%. كما كشفت عن Ernie 4.5، متعدد الوسائط، والذي يُفوق –حسب الشركة– GPT-4.5 في العديد من المعايير، بسعرٍ لا يتجاوز 1% من سعر الأخير. وستُطلق بايدو روبوت المحادثة الخاص بها، إيرني بوت، مجاناً للجمهور في الأول من أبريل المقبل، قبل الموعد المحدد.

وتُخطط بايدو لدمج Ernie 4.5 و X1 تدريجياً في منتجاتها، بما في ذلك محرك بحثها Baidu Search. يُلاحظ أن هذه الإصدارات الجديدة تأتي في وقتٍ تُحاول فيه شركات وادي السيليكون احتواء التكاليف المتزايدة لنماذج الذكاء الاصطناعي، خاصةً بعد نجاحات شركة ديب سيك.

  • أصدرت ديب سيك في ديسمبر نموذجها اللغوي الضخم V3، وفي يناير كشفت عن نموذج الاستدلال R1، والذي يُعدّ مُنافساً قوياً لمنتجات OpenAI، لكن بتكلفة أقل بكثير (بين 20 و 40 ضعفاً) حسب تقرير Bernstein Research.

تُبرز نماذج بايدو الجديدة ليس فقط التنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين في سباق الذكاء الاصطناعي، بل أيضاً توجه الصين المتنامي نحو تبني النماذج مفتوحة المصدر. وقد أكّد الرئيس التنفيذي لبايدو، روبن لي، على أهمية هذا النهج في تعزيز انتشار هذه التكنولوجيا.

رأي الخبراء

يُشير الدكتور أحمد بانافع، مستشار أكاديمي بجامعة سان خوسيه، في تصريحات خاصة، إلى أن هذا التطور يُمثل محاولة صينية للحد من الاعتماد على التكنولوجيا الغربية، ومنافسة الشركات الأميركية الرائدة مثل OpenAI و Google. ويُعتبر Ernie 4.5 تحدياً مباشراً لـ GPT-4 Turbo، خاصةً في ظل التوترات التكنولوجية المتصاعدة بين البلدين، وقيود تصدير أشباه الموصلات إلى الصين.

  • يُضيف بانافع أن هذا التطور سيؤثر على الأسواق الدولية، حيث قد تُجذب الدول التي تبحث عن بدائل أمريكية، خاصة في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، إلى النماذج الصينية، خاصةً مع تميزها في فهم اللغات الآسيوية.

ويُؤكّد بانافع أن Ernie X1، كونه نموذجاً مفتوح المصدر، يُغيّر قواعد اللعبة، حيث يُتيح للمطورين تعديله واستخدامه بحرية. ويُشير إلى اتجاهٍ نحو انقسام عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، بين نهج الولايات المتحدة والصين.

يبقى السؤال: كيف ستُواجه الشركات الأميركية هذا التحدي؟ هل ستُفضل المزيد من الانفتاح، أم ستُحافظ على نماذجها المغلقة؟

منافسة شرسة

يُشير تقرير لفرانس 24 إلى أن شركات التكنولوجيا الصينية تُسرّع من وتيرة تطوير منصات الذكاء الاصطناعي، خاصةً بعد نجاح ديب سيك. وتُبرز التقرير المنافسة الشديدة في هذا القطاع، حيث قامت شركات مثل بايدو، Tencent، و علي بابا، بدمج نماذج متقدمة أو إطلاق نماذج جديدة، في محاولةٍ للبقاء في سباق التكنولوجيا المتسارع. تُعتبر هذه الشركات من أهم اللاعبين في السوق الصيني.

  • دمجت بايدو نموذج DeepSeek R1 في محرك البحث الخاص بها.
  • أطلقت Tencent نموذجاً يُزعم أنه أسرع من DeepSeek.
  • استثمرت علي بابا 52 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.
  • أطلقت علي بابا نسخة جديدة من مساعدها الذكي المعتمد على نموذج Qwen.

فرص جديدة

يُؤكّد عاصم جلال، استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات، على التطور المتسارع في قطاع الذكاء الاصطناعي الصيني، مع ظهور نماذج مثل Qwen QWQ و Manus، الذي يتميز بقدراته المتقدمة في التفاعل مع الحاسب الشخصي، وتنفيذ المهام المختلفة. وقد بلغ الطلب على Manus مستوياتٍ غير مسبوقة.

ويُشير جلال إلى رغبة بعض الشركات الأميركية في حظر النماذج الصينية، لكن يُشدد على أن المنافسة تتجاوز النصوص لتشمل الصور والفيديوهات، مع بروز نماذج صينية مفتوحة المصدر، تُتيح فرصاً للمطورين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك العالم العربي.

ويختتم جلال حديثه بالتأكيد على أن هذه النماذج تُمثل فرصةً ذهبيةً لتطوير بنية تحتية قوية للذكاء الاصطناعي، تُدعم اللغات والثقافات المختلفة، وتُعزز الابتكار التقني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى