مفتي الجمهورية: القيم الإسلامية أساس العيش المشترك وترسيخ المواطنة

كتب: أحمد عبد العزيز

انطلقت فعاليات مؤتمر «المواطنة والهوية وقيم العيش المشترك» الذي تنظمه جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في أبو ظبي، بمشاركة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. وفي كلمته الافتتاحية، أكد فضيلته على أهمية القيم الإنسانية في الإسلام كمنظومة أخلاقية تحفظ كرامة الإنسان وتضمن حقه في العيش المشترك بسلام وعدل ومساواة، خاصة في ظل حاجة البشرية الماسة لمثل هذه المنظومة.

القيم الإسلامية.. ثوابت ممتدة من الفرد إلى البشرية

أوضح مفتي الجمهورية أن القيم الإسلامية ليست وليدة ظرف زماني، بل هي ثوابت شاملة ومتكاملة، تحكم علاقة الإنسان بذاته وبعائلته ومجتمعه وبالبشرية جمعاء. واستشهد بآيات قرآنية تؤكد على كرامة الإنسان بغض النظر عن لونه أو عرقه أو دينه، مثل قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، وقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، بالإضافة إلى آيات تؤكد على حرية المعتقد والعدل كقوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}.

الحضارة الإسلامية.. منارة للعلم والرحمة والعدل

نوّه الدكتور عياد إلى أن الحضارة الإسلامية بُنيت على أسس علمية وإنسانية راسخة، كالعلم والرحمة والعدل والمساواة والتسامح، ونبذ التعصب والطائفية، مستشهداً بوثيقة المدينة المنورة كنموذج للعيش المشترك. وحذّر من الجماعات المتطرفة التي شوّهت صورة الإسلام، مؤكداً أن الجهل وسوء تأويل النصوص الدينية هما سبب انحرافها، مستشهداً بقول النبي ﷺ: «يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».

التطرف.. تهديد للهوية الوطنية

شدد مفتي الجمهورية على أن التطرف يُهدد الهوية والانتماء الوطني، إذ يُروّج لانتماء زائف ويرفض الهويات الوطنية الحديثة، كما ينشر مفاهيم مغلوطة تُغذّي العنف وتُقصي الآخر. وانتقد دعوات التغريب والانبهار بالغرب، داعياً إلى التوازن بين الأصالة والمعاصرة. وأشار إلى أن قيم المواطنة والهوية تواجه تحديات كالتطرف والتغريب والعولمة الثقافية، داعياً لتضافر الجهود لمواجهة هذه التحديات، مؤكداً توافق الهوية الدينية مع الانتماء الوطني في بناء مجتمعات مستقرة.

الأزهر ودار الإفتاء.. منارات للوسطية والاعتدال

أشاد مفتي الجمهورية بدور الأزهر الشريف في نشر القيم الإسلامية السمحة وترسيخ الحوار وتفنيد الفكر المتطرف، بقيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر. وأكد أن دار الإفتاء المصرية تسير على نفس النهج في مواجهة التطرف وتصحيح المفاهيم المغلوطة ونشر الوعي الديني من خلال فتاوى رصينة تراعي الواقع وتدعم السلم المجتمعي. كما أشار إلى دور الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم كمنصة دولية للحوار والتنسيق بين مؤسسات الإفتاء عالمياً.

تحية وتقدير لجامعة محمد بن زايد

في ختام كلمته، شكر مفتي الجمهورية جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية على تنظيم هذا المؤتمر المهم الذي يسهم في تصحيح المفاهيم المغلوطة وتعزيز القيم المشتركة ونشر وسطية الإسلام.