اقتصاد

حرب الرسوم الجمركية: ترمب يُشعل فتيل أزمة اقتصادية عالمية

كتب: أحمد السيد

ألقى الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترمب، قنبلة اقتصادية على العالم مع دخول رسومه الجمركية “المضادة” حيز التنفيذ، مستهدفًا أكثر من 90 دولة. هذه الخطوة، التي وصفها ترمب بأنها “خطة لإعادة تنظيم الاقتصاد العالمي لصالح العمال الأمريكيين”، أثارت موجة من القلق والمخاوف من تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي، وسط تحركات تشريعية في الكونغرس للحد من سلطة البيت الأبيض في فرض الرسوم.

الكونغرس الأمريكي يُحاول تقييد سلطة ترمب

أثار قرار ترمب بفرض الرسوم الجمركية “المضادة” قلقًا متزايدًا داخل الكونغرس الأمريكي، حيث قدم النائب الجمهوري دون بيكون مشروع قانون يهدف إلى تقييد سلطة الرئيس في فرض الرسوم بشكل أحادي. وينص مشروع القانون على انتهاء صلاحية أي رسوم جمركية يفرضها الرئيس بعد 60 يومًا ما لم يوافق عليها الكونغرس. وقد حصل مشروع القانون على دعم أولي من أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. في المقابل، هدد ترمب باستخدام الفيتو ضد أي تشريع يقيد سلطته في فرض الرسوم، معتبراً أنه ضروري لحماية المصالح التجارية للولايات المتحدة. وفي مجلس الشيوخ، قدم السيناتوران تشاك غراسلي وماريا كانتويل مشروع قانون مماثل، يتطلب إخطار الكونغرس بأي رسوم جديدة خلال 48 ساعة والحصول على موافقته في غضون 60 يومًا.

خريطة الرسوم الجمركية “المضادة”

بدأت إدارة ترمب في تحصيل رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع الواردات، بالإضافة إلى رسوم “مضادة” متفاوتة النسب على حوالي 60 دولة. شملت هذه الرسوم:

  • 20% على الاتحاد الأوروبي.
  • 25% على كوريا الجنوبية واليابان.
  • 32% على تايوان.
  • 40% على فيتنام وكمبوديا.
  • 50% على دول أفريقية مثل ليسوتو ومدغشقر.
  • 104% على الصين، نتيجة تراكم ثلاث طبقات من الرسوم.

ترمب: أنا رئيس الطبقة العاملة

دافع ترمب عن قراره بفرض الرسوم، مؤكدًا أنها تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي وتحفيز الإنتاج المحلي. وقال ترمب: “أنا رئيس الطبقة العاملة، وليس وول ستريت… لقد تحمل العمال الأمريكيون لعقود ظلم التجارة غير المتكافئة. اليوم نعيد كتابة القواعد”. وأشار إلى أن الصين ودول جنوب شرق آسيا استفادت بشكل “مفرط” من النظام التجاري السابق.

ردود فعل دولية غاضبة

قوبل قرار ترمب بردود فعل غاضبة من مختلف دول العالم. فقد فرضت الصين رسومًا انتقامية على السلع الأمريكية، ووصف الاتحاد الأوروبي الخطوة بأنها “عدوان اقتصادي”، بينما فرضت كندا رسومًا على صادرات أمريكية وهددت بمزيد من الإجراءات. أما المكسيك، فقد التزمت الهدوء، لكنها حذرت من اتخاذ إجراءات مماثلة في حال استمرار التصعيد.

“شتاء نووي” اقتصادي يُهدد العالم

بدأت آثار ما وصفه بعض المحللين بـ”الشتاء النووي الاقتصادي” بالظهور سريعًا، حيث شهدت الأسواق العالمية خسائر متواصلة، وانخفضت قيمة السندات السيادية لعدة دول، وهبط اليوان الصيني لأدنى مستوى له منذ 19 شهرًا. كما قدر “مختبر الميزانية في جامعة ييل” أن الرسوم ستخفض دخل الأسرة الأمريكية المتوسطة بمقدار 3800 دولار سنويًا، وستؤثر بشكل أكبر على الأسر الفقيرة.

رابحون محتملون من الحرب التجارية

رغم التداعيات السلبية للحرب التجارية، إلا أن بعض الدول قد تستفيد من التحولات الناتجة عنها، مثل مصر التي يُتوقع أن تشهد زيادة في صادرات المنسوجات والمنتجات الزراعية، والبرازيل التي قد تحل محل الصين في بعض أسواق فول الصويا واللحوم، وسنغافورة التي قد تستفيد من تحول مراكز التصنيع وتكنولوجيا المعلومات.

يبقى السؤال: هل ستنجح استراتيجية ترمب في تحقيق أهدافها، أم ستدفع الاقتصاد العالمي نحو أزمة عميقة؟ الإجابة ستتكشف في الأسابيع المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى