جريمة القرن.. 100 يوم قتل وحرق وتدمير في غزة (ملف خاص)

«إن يحرقوا كل النخيل بساحنا سنطل من فوق النخيل نخيلا.. إن يهدموا كل المآذن فوقنا نحن المآذن فاسمع التهليلا».. العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، يدخل يومه الـ100 غداً، حيث استباحت إسرائيل الأرض والعرض، قتلت روح الروح.. تركت أباً يتغزّل فى جمال ابنته فى كفنها، وأماً تصرخ «أولادى استشهدوا جوعى»، وصغيراً يتساءل: «هل ما نحياه حلم أم حقيقة؟»، وآخر يجمع ماء المطر ليروى ظمأه.

انتهك الاحتلال حرمات الفلسطينيين، فبات صمودهم فى مدينتهم الأبية عنواناً لفصل تاريخى ملهم.. 100 يوم من الثبات والاستبسال لم يشهد العالم لها مثيلاً.. يخرج فيها الفلسطينيون، من تحت الأنقاض ملطخين بالدماء، تلهج ألسنتهم فى صوت واحد: «أتظن أنك طمست هويتى ومحوت تاريخى ومعتقداتى؟»، فيجيبهم «وائل الدحدوح» فى الأولى معلش، وفى الثانية سنظل صامدين، بينما يغطى الشاش الأبيض ذراعيه، ويمسح نجله حمزة العرق عن جبينه، لتتبدّل الأدوار فى الثالثة، ويقف الأب المكلوم مرتدياً درعه وخوذته الصحفية، يحاول جاهداً إزالة آثار الدماء عن يد نجله البكر الشهيد لتقبيلها بالدموع فى وداعه الأخير، قبل أن يرفع رأسه، ليأتى الجواب الأخير.. «لا فناء لثائر، أنا كالقيامة ذات يوم آتٍ»، ليمثل «الدحدوح» آلاف الأهالى المكلومين فى الفقد والصبر على الشهادة.

ومن فوق الركام يصدح المؤذنون بأصواتهم فيسمعهم سكان غزة من شمالها إلى جنوبها، ومن أعلى قبة المسجد المدمّر تُقام الصلاة، وداخل المحراب والمنبر المبعثر يوصى الإمام المصلين بالصبر والاحتساب، وتدق نواقيس الكنائس فتضىء نجفة واحدة العتمة لتُعلن بدء طقوس قداس عيد الميلاد الحزين، يبكى الأهالى شهداءهم باختلاف دياناتهم، ويتقاسمون أوجاعهم، إلاّ أنّ ذلك لا ينقص من عزيمتهم ووحدتهم، يخبّئون فى قلوبهم أمنيات دفينة ويقيناً معلناً بأن النصر آتٍ لا محالة، وأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة. «الوطن» وثّقت 100 يوم من العدوان على قطاع غزة، ورصدت نماذج ملهمة لصمود الغزاويين فى وجه آلة القتل الوحشية الإسرائيلية، واستعرضت قصصاً كان فيها الرجال والنساء والأطفال أبطالاً لا يهابون الموت، يدفنون شهداءهم، ثم يعودون إلى أرض المعركة لمواصلة نضالهم ضد المحتل القاتل.

زر الذهاب إلى الأعلى