«المشغلاتي» يكشف طرق توظيف آمنة.. تعرف على حكايات ومآسي شباب وقعوا ضحية نصب إليكتروني بحثًا عن فرصة عمل

رغم توافر قنوات ومنصات رسمية ومضمونة للحصول على فرصة عمل مناسبة من خلال ما تعلنه مؤسسات الدولة المختلفة، إلا أن الشباب مع الأسف أصبح ضحية سهلة لمواقع وتطبيقات وجروبات التوظيف الوهمية على السوشيال ميديا، حيث تكررت في الآونة الأخيرة حوادث القبض على أشخاص يديرون حسابات مزيفة للإتجار بأحلام الشباب والنصب عليهم، من خلال طرح إعلانات عن وظائف غير حقيقية مقابل دفع مبلغ مالي وملء طلب التحاق بالوظيفة المعلن عنها، وهو ما حذرت منه مباحث الأموال العامة مؤخرا

فلماذا يقع الشباب فريسة لهذه الحسابات المزيفة؟ وكيف يمكن الاستفادة من القنوات الشرعية لفرص العمل التي تتيحها الدولة؟.. التفاصيل في السطور التالية..

وقائع نصب

في البداية.. تزايدت عروض العمل الوهمية على صفحات السوشيال ميديا، حتى تحولت لنوع خاص من البيزنس غير المشروع، حيث يبتكر المحتالون أفكاراً متنوعة للنصب على الشباب، وتبدأ سطور الحكاية بإنشاء صفحة وهمية تعلن عن وظائف يتم جمعها من مواقع الإنترنت وأغلب هذه الوظائف قديمة ولم تعد مطلوبة، وبعضها غير حقيقي، لكن المشكلة تبدأ حينما يتعلق الشاب بحلم الحصول على هذه الوظيفة، فيطلب منه صاحب الصفحة ملء أبلكيشن ودفع رسوم وعمولة مقدما، في هذا الإطار قررت النيابة العامة في القاهرة، مؤخرا، حبس نصاب 4 أيام على ذمة التحقيقات، لاعترافه بإنشاء شركة دون ترخيص في منطقة عابدين، وسط القاهرة، وإعلانه عن إمكانية توفير وظائف، عبر صفحة على الفيسبوك مقابل مبالغ مالية، وقام هذا الشخص بالفعل بجمع مبالغ كبيرة من الشباب.

وقد عثرت النيابة بحوزته على أوراق تخص مكتب توظيف وهمي، وشهادات من طالبي التوظيف، وشهادات تدريب مُزورة ومستندات استلام نقدية، كما ضبطت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة أيضا سيدة بالجيزة لقيامها بالنصب والاحتيال على راغبى العمل داخل البلاد والاستيلاء على أموالهم. 

وقد أكدت تحريات ومعلومات إدارة مكافحة التزيف والتزوير بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة قيام سيدة حاصلة على دبلوم تجارة، مقيمة بدائرة قسم شرطة بولاق الدكرور بالجيزة، بممارسة نشاط احتيالى فى الاستيلاء على أموال الشباب راغبى العمل داخل البلاد، حيث قامت بإدارة شركة “غير مرخصة” وأعلنت بوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي قدرتها على توفير “فرص عمل للشباب” بالفنادق الكبرى والشركات الخاصة برواتب مجزية، بقصد الاستيلاء على أموالهم، وتمكنت من استقطاب عدد كبير من الضحايا تحت ذلك الزعم.

كما ضبطت نيابة الأموال العامة أيضا عاطلا يُدعى (عيد . ر)، 33 عاما، مقيما بالجيزة، بتهمة استقطاب الشباب والاحتيال عليهم، والحصول على مبالغ منهم بزعم توفير فرص عمل لهم في المنشآت السياحية، والفنادق والشركات الكبرى، وأعلن عن مرتبات تبدأ من 7 آلاف جنيه، بشرط أن يتقاضى عمولة شهر مقدما. الكارثة أنه حرر للكثير من الشباب عقودا وهمية، وعندما توجهوا لاستلام العمل فوجئوا أنهم تعرضوا للنصب والاحتيال.

إعلانات قديمة

تجارب الشباب مع صفحات التوظيف على الفيسبوك، تكشف عن حجم تجارة الوهم على السوشيال ميديا، حيث يقول أحمد حسام الدين، (25 سنة) بكالوريوس تجارة جامعة القاهرة، بعدما تخرجت أخذت العديد من الكورسات في مجال المحاسبة وبحثت كثيرا عن وظيفة مناسبة ولم أجد، فاتجهت لصفحات التوظيف على الفيسبوك، والحقيقة أن أغلب إعلانات الوظائف إما قديمة أو غير حقيقية، وهناك بعض الصفحات تطلب من الشباب ملء بيأنات خاصة بهم وإرسال السيرة الذاتية، مقابل دفع رسوم تتراوح ما بين 100 و 200 جنيه، وينتظر الشاب حتى يتم التواصل معه، وفي أغلب الأحوال لا يتم الاتصال به، وأحيأنا يتم اخباره بضرورة الذهاب للشركة أو الفندق لاستلام الوظيفة فيجد أن الوظيفة ذهبت لشخص آخر.

أما رامي رمضان (24 سنة) ليسأنس حقوق، جامعة عين شمس، فيقول، أن أغلب إعلانات الفيسبوك وأنستجرام غير حقيقية، والكثير من الحسابات التي تنشر هذه الوظائف تجمع هذه الإعلانات من مواقع النت المختلفة، لكن هناك منصات يمكن الاعتماد عليها للحصول على وظيفة مثل منصة بيت دوت كوم، ومنصة شغلني، وفرصنا، والمشغلاتي، أما صفحات السوشيال ميديا فأغلبها غير مزيفة، والمشكلة أن الشباب لا يلتفت لإعلانات الجهات الرسمية بسبب عدم وجود وعي كافِ بهذه الفرص، فضلا عن حالة الشك الداخلية بأن “الواسطة” هي الضمأن الوحيد للحصول على وظيفة في الحكومة، وهو ما يحتاج لنوع من التوعية الإيجابية للشباب.

قنوات شرعية للفرص

“إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه”.. مقولة حقيقية بالفعل، لكنه على الرغم من توفر فرص عمل عديدة بالقطاع الحكومي والمشروعات القومية والتنموية ومبادرة حياة كريمة، إلا أن الشباب يجد صعوبة في معرفة أماكن هذه الفرص وتوقيت الإعلان عنها، حيث يقول الدكتور ياسر شحاتة، أستاذ إدارة الموارد البشرية وخبير التنمية المستدامة، أن الوعي هو قضية القضايا بالنسبة للشباب المصري، ففيما يخص فرص العمل، هناك قنوات شرعية ورسمية للإعلان عن فرص العمل سواء بالقطاع الحكومي أو الخاص، لكن المشكلة أن هناك عدم وعي لدى قطاعات عديدة من الشباب بكيفية الحصول على وظيفة أو الاستفادة من عروض المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والتي تمولها وتدعمها الدولة.

فالشباب لا يحتاجون لوسطاء أو سماسرة للفرص، حيث أن الوزارات والمؤسسات الكبيرة تضم بداخلها إدارات خاصة بشئون العاملين أو الموارد البشرية وتعلن عن الوظائف بشكل رسمي وعبر قنوات معروفة، ويتم وضع شروط كأوائل الدفعات، وقد يتم الاعتماد على مكاتب استشارية خارجية، أما الشركات الخاصة فهي تتبع لهيئة الاستثمار ووزارة الاستثمار وهناك منصات خاصة بها للإعلان عن فرص العمل، وهناك نافذة أخرى وهي المشروعات الصغيرة من خلال جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهذه المشروعات هي بمثابة فرص عمل حقيقية للشباب، بل أن الحكومة عملت خريطة استثمارية إلكترونية حددت من خلالها الفرص الواعدة أمام الشباب للاستثمار وإقامة المشروعات وتقوم البنوك بتمويل هذه المشروعات من خلال القروض.

ويضيف شحاتة أن التحولات الاقتصادية والتنموية الأخيرة أتاحت فرص عمل عديدة للشباب، وذلك من خلال المشروعات القومية ومشروعات البنية التحتية وقناة السويس الجديدة ومشروع المليون ونصف مليون فدأن والمدن الجديدة والعاصمة الإدارية، ومشروعات الكهرباء والطاقة والغاز الطبيعي والمحطات المختلفة، فضلا عن مبادرة حياة كريمة والتي تتبنى فكرة توفير فرص عمل من خلال حزمة مشروعات بناء الأنسأن المصري.

ويؤكد شحاتة أن ما تطرحه مواقع التواصل الاجتماعي ليس كله حقيقي، ومن المفضل عدم الأنسياق وراء ما يتم بثه من إعلانات وهمية ومضللة.

المشغلاتي اللي بجد

وهناك صفحات وجروبات حقيقية على الفيسبوك، تطرح فرصا حقيقية بجد ولا يتقاضى أصحابها أي مقابل، حيث يقول وليد البسيوني، مهندس ويعمل استشاريا فى إدارة المشروعات منذ 15 عاما، ومؤسس جروب “المشغلاتي”: الحمد لله على مدار خبرتي وتعاملاتي فى هذا المجال، وفى أكثر من بلد، استطعت أن أعمل شبكة واسعة من العلاقات في هذا القطاع، وهذا أعطى ثقة كبيرة للشركات، فعندما يكون لديهم وظائف متاحة أو متطلبات عمل معينة فأنهم يطلبون ترشيحات مني بشكل مباشر، ومن هنا جاءتني فكرة إنشاء جروب “المشغلاتي” وذلك بعدما تطور الموضوع بشكل كبير وأصبحت أتلقى بشكل يومي عددا  كبيرا من طلبات التوظيف من جهات مختلفة، بمعنى أنهم يطلبون نشر الوظائف المتاحة لديهم على صفحتي الشخصية وعلى الجروبات الهندسية التى أتولى مسئولية إدارتها على السوشيال ميديا بحكم وجودي الملحوظ على شبكة التواصل الاجتماعي، وبالتالي أستطيع بشكل فعال أن أصل لأكبر عدد ممكن من السير الذاتية، وبناءً عليه يتم اختيار الشخص المناسب للوظيفة المناسبة.

ويضيف قائلًا: من هذا المنطلق فكرت في إنشاء هذا الجروب أو هذه المنصة لنشر طلبات التوظيف أو حتى طلبات فى الحصول على وظيفة معينة أو استفسار عن مكأن معين للتوظيف وهكذا بدأت فى إنشاء جروب المشغلاتي. والحقيقة أن فرص العمل التى يتم عرضها على الجروب لها أكثر من مصدر، فبعض الجهات ترسل لي طلب التوظيف بشكل مباشر على الجروب وتطلب نشر الوظيفة مع ذكر متطلبات التوظيف. والنمو السريع للجروب وارتفاع عدد متابعيه بشكل متسارع  يعطي أنظباعا بأن الجروب ناجح إلى حد كبير، وهذه الخدمة أقدمها بشكل مجأني تماما ودون أن أتفاضى أي أجر سواء من طالب الوظيفة أو من عارضي الوظائف، فالموضوع كله لوجه الله.

ويضيف البسيوني أن هناك تنسيقا بين إدارة الصفحة أو الجروب وبين بعض الجهات أو الشركات التي تطرح هذه الوظائف، حيث أننا نحاول قدر الإمكأن تحري الدقة فى عملية النشر، وأمتنع تماما عن نشر أي إعلانات عن وظائف أو جهات وهمية، وللأسف هناك استغلال غير مسبوق من بعض الجهات للسوشيال ميديا فى تضليل الشباب وإعطائهم عروض وظائف أو مميزات وهمية، وأنا أنصح أي شاب باحث عن وظيفة أن يسأل أهل الإختصاص وأن يبحث جيدا عن الجهة المعلنة للوظيفة.

ويتابع: والجروب يوفر هذه الميزة عن طريق تخصيص جزء متكامل عن الاستفسار على شركة معينة أو كيأن ما، فهناك شباب أصحاب خبرات على الجروب ولهم تجارب سابقة مع هذه الجهات حيث يقدمون النصح والإرشاد اللازم لطالب الاستفسار، وبالتالي يتوافر للشباب المعلومات الكافية عن الكيأن المعلن للوظيفة، وفي النهاية نحاول قدر الإمكأن أن نوفر للشباب والباحثين عن فرصة عمل الفرص الملائمة التى تناسب توقعاتهم، وفي نفس الوقت نحاول جاهدين أن ننوه عن أي جهة مشبوهة أو لها سابقة سيئة فى التعامل مع الشباب.

زر الذهاب إلى الأعلى