هل يقودنا الذكاء الاصطناعي إلى الهاوية؟ مخاوف وجودية أم مجرد وهم؟
كتب: أحمد عبد العزيز
منذ تحذير ستيفن هوكينج عام 2014 من مخاطر الذكاء الاصطناعي، تصاعد الجدل حول مستقبل هذه التقنية. لم تكن مخاوف هوكينج نابعة من سوء نية الآلة، بل من احتمالية وصولها إلى «التفرد»، تلك اللحظة الفارقة التي يتجاوز فيها ذكاء الآلة القدرات البشرية، ويطور نفسه بنفسه، ليصبح كيانًا خارج السيطرة.
سيناريوهات الكارثة
تدور المخاوف حول سيناريوهين: الأول وجودي كارثي، كما في أفلام «Terminator»، حيث يسيطر الذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية. والثاني اقتصادي اجتماعي، يتمثل في استبدال البشر بالآلات في الوظائف، مما يهدد بفقدان الملايين لمصادر رزقهم.
تاريخ طويل من المخاوف
ليست هذه المخاوف وليدة اليوم، بل هي صدى لقلق إنساني قديم تجاه التكنولوجيا، تجلى في أعمال أدبية وسينمائية، من مسرحية «روبوتات روسوم العالمية» عام 1920، وفيلم «Metropolis» عام 1927، وصولًا إلى «2001: A Space Odyssey» و«Westworld» و«Blade Runner» و«The Matrix». فقد غذى تطور الحاسوب هذه المخاوف، ومنحها أرضية تقنية أكثر واقعية.
الخطر الحقيقي.. من يقف وراء الستار؟
لكن، هل هذه المخاوف مبررة؟ يرى البعض أنها إلهاء عن الخطر الحقيقي: جشع الشركات التكنولوجية وأباطرة المال. فمن يستفيد من إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي؟ أليست الشركات التي تطوره، وتسعى للهيمنة على الأسواق؟
يتجلى هذا الاستغلال في سرقة الأعمال الفنية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، ومراقبة الطلاب في الفصول الدراسية، وحتى في تنامي ظاهرة «رفقة الذكاء الاصطناعي» التي تهدد العلاقات الإنسانية. يحذر إيلا نوربخش في كتابه «Robot Futures» من استخدام الذكاء الاصطناعي للتلاعب برغباتنا، وبيعها لنا كمنتجات.
كما يتصاعد خطر استخدام الذكاء الاصطناعي في إنفاذ القانون والجيش، لتسهيل المراقبة والسجن وحتى القتل. علينا أن نتذكر أن البشر هم من يصنعون هذه التقنيات، ويوجهون استخدامها، غالبًا لتحقيق مكاسب شخصية، حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين.
مستقبل مشرق أم قاتم؟ القرار بيد البشر
في خضم هذه المخاوف، يكمن التحدي الحقيقي ليس في كبح جماح الآلات، بل في حكمة البشر. فالذكاء الاصطناعي أداة قوية، يمكن استخدامها للخير أو الشر. يجب أن نوجهها لبناء مستقبل أفضل، يحل المشاكل، ويعزز العدالة، ويحقق الازدهار للجميع، لا لقلة محظوظة. المستقبل لا تحدده الآلة، بل يحدده صانعها.