فن

مسرحية فوضى لـ مريم الزعيمي.. صراع الإنسان بين العبث والواقع

تجسد مسرحية مريم الزعيمي عالماً غارقاً في الفوضى، سواء على المستوى الداخلي للشخصيات أو على المستوى الخارجي للظروف الاجتماعية.

الفوضى كمرآة للاضطراب الإنساني

تعكس المسرحية صراعات متعددة الأبعاد، مثل الذنب، الخيانة، والطموحات الطبقية، مما يمنحها عمقًا فلسفيًا يلامس قضايا الإنسان وصراعه مع نفسه ومجتمعه.
 
الفوضى هنا ليست مجرد حالة عبثية، بل أداة درامية تقود السرد. الانتقال بين المشاهد لا يتبع تسلسلاً تقليدياً، بل يعكس عبثية الحياة، ويترك للجمهور حرية المشاركة في تأويل الأحداث وربطها ببعضها.

السينوغرافيا: الفوضى البصرية كامتداد نفسي

لعبت السينوغرافيا دورًا جوهريًا في تعزيز إحساس المشاهد بالفوضى والاضطراب. من السماعات المعلقة بخيوط، التي ترمز إلى الضغوط الاجتماعية، إلى التوزيع المكاني الديناميكي للشخصيات، استطاع الفضاء المسرحي أن يجسد مشاعر التوتر والحصار النفسي التي عانت منها الشخصيات.

كل عنصر بصري يعكس حالة الشخصيات، وكأنها دمى تتحكم فيها قوى خفية. هذا التداخل بين الفوضى البصرية والنفسية يضع المشاهد في حالة من القلق والانخراط العاطفي العميق مع العمل.

الأداء: تجسيد الفوضى بين الصدق الفني والتوتر النفسي

قدمت شخصيات المسرحية أداءً متقناً يعكس الضغط النفسي الذي يعيشه كل منها. ذكرى مثلت الصراع الداخلي المرتبط بالخيبة، في حين جسد أشرف الطموح الطبقي وما يرافقه من صراعات اجتماعية.

استخدام الحركة والصوت كان مميزاً، إذ نقل التوتر الداخلي والخارجي للشخصيات بشكل واضح. من ناحية أخرى، جاء أداء أمين ناسور عميقاً ومعبراً عن تعقيدات الشخصية، بينما أظهرت مريم الزعيمي براعتها الإخراجية في توجيه فريق التمثيل لخلق انسجام بين عناصر الأداء والتوتر النفسي للعمل.

استطاعت المسرحية أن تحوّل الفوضى إلى تجربة فلسفية تُثير الأسئلة حول عبثية الواقع والصراعات الاجتماعية والإنسانية.

رغم أن النهاية كانت موجهة بفكرة صريحة، فإن العمل بأكمله يدفع المشاهد إلى البحث عن إجابات شخصية لصراعات وجودية، مما يمنح العمل طابعاً خالداً يتجاوز المسرح ليحاكي الحياة اليومية.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى