بريطانيا تسعى لجذب أثرياء العالم عبر “إغراءات” ضريبية
اقترحت الحكومة البريطانية خطة تسهيلات ضريبية لجذب الأثرياء حول العالم، وسط تصاعد المخاوف من تحول البلاد إلى “نسخة مكبرة من جزر البهاما”، إحدى أبرز الملاذات الضريبية الآمنة التى يهرب إليها الأثرياء بأموالهم واستثماراتهم لتجنب فرض ضرائب على ثرواتهم فى أوطانهم.
وبينت صحيفة فاينانشيال تايمز أن المقترح الحكومي الخاص بجذب الأثرياء يقضي بتعديلات ضريبية لغير المقيمين، والذي يتيح حالياً للمقيمين في بريطانيا ممن لديهم إقامة دائمة أو مسكن في الخارج عبر البحار، أن يتجنبوا دفع ضريبة بريطانية على دخولهم أو مكاسبهم الاستثمارية لمدة 15 عاماً، لكن المقترح يركز على تغيير مدة الإقامة فى النظام الجديد إلى 4 سنوات، اعتباراً من 6 أبريل عام 2025.
بموجب النظام الجديد المقترح، فإن القادمين الجدد إلى بريطانيا سوف يحصلون على إعفاء نسبته 100 في المائة على الدخل الأجنبي والمكاسب الاستثمارية، خلال الأعوام الأربعة الأولى من إقامتهم، شريطة عدم خضوعهم للضرائب البريطانية خلال أي عام من الأعوام العشرة المتتالية والسابقة لموعد وصولهم إلى البلاد.
لكن نظام ضرائب غير المقيمين ومستشاريهم، في النموذج الجديد قصير الأجل للغاية بحيث يتمكن من جذب أشخاص يرغبون في اتخاذ المملكة المتحدة موطناً لهم، ويسعون لإلحاق أبنائهم في التعليم، أو إقامة شركات خاصة بهم، لكنه سيجذب مجرد أشخاص عابرين يسعون للحصول على إعفاء ضريبي، فحسب.
ويتوقع كريستوفر جروفز، شريك في مكتب “ويزرز” للاستشارات القانونية في لندن، أن “نظام السنوات الأربع سيحول المملكة المتحدة إلى نموذج مكبر من جزر البهاما، دون أن يعود ذلك بأي نفع أو مساهمة في الخزانة العامة للدولة.”، لافتا إلى أن جزر الكاريبي تعد ملاذاً ضريبياً آمناً وشهيراً بسبب عدم فرض ضرائب دخل على الأفراد والشركات، وضرائب على المكاسب الرأسمالية.
ويرى جروفز في تعليقه على القانون للصحيفة البريطانية، أن الناس في ظل النظام الجديد “سيأتون لتسويق أعمالهم، وإعادة تنظيم شؤونهم، ثم يختفون مجدداً.”
وهناك العديد من البلدان طرحت سياسات ونماذج لجذب نخبة أصحاب المال والأثرياء الأجانب، منها إيطاليا التي تمنح إعفاءً ضريبياً سنوياً قدره 100 ألف جنيه استرليني (بما يعادل 129 ألف دولار أميركي) على الدخل والأصول الأجنبية على مدار 15 عاماً، وكذا فرنسا التي تقدم نظام خصم ضريبيا خاصاً، يحاكي النظام الضريبي المعمول به في بريطانيا لغير المقيمين.
وتشير الصحيفة إلى توقع خبراء عقاريين أن يؤثر النظام الضريبي المقترح على أسواق العقارات البريطانية، إذ سيلجأ المقيمون المؤقتون الجدد الذي سيأتون إلى المملكة المتحدة إلى استئجار العقارات والشقق التي سيعيشون فيها بدلاً من تملكها وشرائها.
وأبدي رئيس بحوث الإقامة البريطانية في شركة “سافيلز” للعقارات، لوشيان كوك، تشككه من استفادة القطاع من النظام الجديد قائلاً “يساورني الشك أن بعضاً من طلباتهم سوف تندفع إلى سوق الإيجارات، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار التكلفة المرتفعة لعملية الشراء بسبب رسوم التسجيل”، غير أولئك الذين يعتزمون البقاء في البلاد لأكثر من عشر سنوات “من المحتمل أن يقدموا على الشراء.”
وتضم قائمة الملاذات الضريبية الآمنة عالمياً عدداً لا يستهان به من الجزر معظمها في منطقة الكاريبي وآسيا، ولعل من أبرزها جزر فيرجن (البريطانية)، وجزر كايمان، وبرمودا، وجيرسي، وجزر سولومون، ولم تخل القائمة أيضاً من الدول الأوروبية ومدن آسيوية حيث تربعت في صدارة القائمة هولندا تلتها سويسرا ولوكسمبورج، وجاءت هونج كونج في القائمة، وفقاً لمؤشر الملاذات الضريبية في العالم.
ورصدت “منظمة الشفافية العالمية” ظاهرة الملاذات الضريبية الآمنة، وقدرت عددها مع بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة بنحو 50 منطقة في العالم، تضم نحو 400 مؤسسة مالية، وقرابة 10 تريليونات دولار، بما يعادل نحو 4 أضعاف الناتج المحلي لفرنسا التي تستضيف “منظمة الشفافية”، وتحتضن تلك الملاذات نحو ثلثي صناديق الاستثمار وحوالي مليوني شركة، وفق المنظمة.