دعا الأمين العام المساعد رئيس قطاع فلسطين والأراضى العربية المحتلة بجامعة الدول العربية السفير الدكتور سعيد أبو على، كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية والإعلامية لتحمل مسؤولياتها إزاء الحرب التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى على المسيرة التعليمية فى فلسطين.
وأكد السفير سعيد أبو علي -فى كلمته خلال ختام اجتماع لجنة البرامج التعليمية الموجهة إلى الطلبة العرب في الأراضى العربية المحتلة في دورتها الـ108 بمقر الجامعة العربية- أهمية الاستمرار في توفير الدعم العربي والدولي للعملية التعليمية بما يسهم في ضمان استمرار تقدم المسيرة التعليمية وتحسين جودة التعليم لأبناء فلسطين.
وقال إن إجتماعنا يأتي بعد انقطاع ما يقارب عام ونصف بسبب الظروف البالغة الصعوبة التي تمر بها القضية الفلسطينية والحرب الإسرائيلية التدميرية، كما يأتي بالتزامن مع أعمال القمة العربية – الإسلامية الطارئة بالرياض والتي اتخذت مجموعة كبيرة من القرارات النوعية الهامة في إطار التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وتضامن دولنا العربية والإسلامية مع نضال الشعب الفلسطيني المشروع لنيل حقوقه كاملة بإقامة دولته المستقلة على خطوط 4 يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفق رؤية حل الدولتين، ودعم الاعتراف بدولة فلسطين وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وكذلك التحرك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لتجميد عضوية إسرائيل.
وأضاف: “أن القمة طالبت أيضًا مجلس الأمن بإصدار قرار ملزم لوقف إطلاق النار في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية فورًا لقطاع غزة، وأكدت أنه لا سلام مع إسرائيل قبل انسحابها من كافة الأراضي العربية المحتلة حتى خط 4 يونيو 1967”.
وأوضح أن القمة أطلقت أيضًا آلية التعاون الثلاثي بين كل من جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي؛ لتنسيق المواقف المشتركة وسبل الدعم لمساعدة الشعب الفلسطيني بهدف تحقيق تقرير المصير له.
وتابع: “أعمال هذه الدورة تأتي بعد أكثر من 400 يوم من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، وما تزال مشاهد المجازر والقتل والتدمير والتجويع وخاصة بشمال القطاع متواصلة، فقد أسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل وجرائم الإبادة الجماعية في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 عن تدمير واسع النطاق لكافة مقومات الحياة، أدي لسقوط أكثر من 180 ألف مواطن بين شهيد وجريح ومفقود، واعتقال أكثر من 5200 مواطن ونزوح 2 مليون داخليًا، مع تدمير ما يقارب من 80% من المباني السكنية، حيث ارتكب الاحتلال أكثر من 4000 مجزرة مروعة، واستخدام حوالي 90 ألف طن من المتفجرات، بالإضافة لما يتعرض له سكان القطاع من حرب تجويع قاتلة”.
وأشار إلى أن الوضع في الضفة الغربية المحتلة لا يقل خطورة وكارثية من حيث مواصلة سلطات الإسرائيلي التصعيد في تنفيذ سياساته العدوانية بمدينة القدس وكافة المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، ما أسفر عن ارتقاء حوالي 780 شهيدا، واعتقال ما يقارب من 12 ألف مواطن مع تدمير ممنهج للبنية التحتية، كما تواصل عصابات المستوطنين المسلحة وبدعم مباشر من الاحتلال ممارسة الإرهاب والاعتداءات المتواصلة في إطار سياسة الاحتلال الرسمية الممنهجة في حرق واقتلاع وتدمير الممتلكات، وفرض العزل والإغلاقات لتنفيذ الإعدامات الميدانية والتهويد وممارسة التمييز العنصري والتطهير العرقي والتهجير القسري، والتمدد الاستعماري، وصولًا إلى ما أعلنه أمس رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي ووزير ماليته بشأن الضم الرسمي والمعلن للضفة الغربية وتصفية القضية الفلسطينية.
ولفت إلى أنه كان القرار الإسرائيلي بقطع العلاقات مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بالشرق الأدنى”أونروا” ضربًا بعرض الحائط لجميع الأعراف والمواثيق والقرارات الدولية والقانون الدولي الإنساني، لتصفية قضية اللاجئين وشطب حق العودة وإلغاء أنشطتها ودورها بالعنوان السياسي كما العنوان الإنساني، وعنوان الالتزام الدولي بقضية اللاجئين.
وأكد السفير أبو علي أن مواصلة الاحتلال الإسرائيلي تقويض ولاية “الأونروا” لن يغير من الوضع القانوني للوكالة التي تتمتع بتفويض دولي بناءً على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي بدوله وهيئاته المتعددة وخاصة مجلس الأمن التدخل المباشر والفوري، واتخاذ التدابير العملية اللازمة لتوفير نظام حماية دولي في الأرض الفلسطينية؛ تطبيقا وإنفاذا للقرارات الدولية ذات الصلة، بما يضع حدًا لاستمرار هذا العدوان الممنهج والانتهاكات الجسيمة لقواعد وأحكام وقرارات الشرعية الدولية، وذلك عن طريق تطبيق هذه القواعد والقرارات بما ينهي الاحتلال، ويمكن الدولة الفلسطينية من ممارسة حقها في السيادة والاستقلال الكامل.
وقال إن قطاع التعليم وكل مكوناته كان في مقدمة القطاعات التي تعرضت للاستهداف الإسرائيلي التدميري، ما أسفر عن كارثة كبيرة بحجم الخسائر البشرية والمادية التي طالت مكونات التعليم كافة، فهناك أكثر من 30 ألف طفل وطفلة ما بين شهيد وجريح، وسط تدمير 93% من أبنية القطاع التعليمي، فيما تعرضت 70% من مدارس الأونروا الـ200 للقصف والتدمير، وتم قصف 4 مبان من كل 5 مبان مدرسية، وكذلك تدمير 130 من المباني والمنشآت الجامعية، كما حُرم أكثر من 750 ألف طالب وطالبة من حقهم في مواصلة تعليمهم بمدارسهم وجامعاتهم.
وأضاف أنه منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، توقفت العملية التعليمية بكافة المستويات في الجامعات والمدارس والمراكز التعليمية والتدريبية، وتحول عمل المدارس من أماكن تعليمية إلى مراكز إيواء يستخدمها السكان النازحين الذين هُجروا من منازلهم قسرا، ومع ذلك لم تتوان قوات الاحتلال الإسرائيلي عن استهداف هذه المدارس والمنشآت وهي مكتظة بالنازحين، لتوقع المئات من الشهداء والمصابين، حتى وإن كانت المدرسة أو المنشأة تتبع لهيئة دولية كالأمم المتحدة وترفع علمها.
وتابع السفير أبو علي “بينما تتجه كل الأنظار لقطاع غزة، فإنه بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، تعطلت إمكانية الحصول على التعليم فيهما وسط تصاعد العنف في الأشهر الأخيرة، فقد تأثر حوالي أكثر من 780 ألف طالب بالقيود المفروضة على الحركة، وتزايد العنف، والخوف من مضايقات المستوطنين والقوات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023”.
ونوه بأنه ما زال واقع حال التعليم في القدس تحت وطأة “سياسات الأسرلة والتهويد”، ومحاربة المناهج الفلسطينية وتحريفها، في معركة مستمرة ومتجددة مع بداية كل عام دراسي جديد، لفرض مناهج الاحتلال الإسرائيلي، داعيًا كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية والإعلامية لتحمل مسؤولياتها إزاء هذه الحرب التي يشنها الاحتلال على المسيرة التعليمية في فلسطين، والذي يستوجب تدخل كل المعنيين من دول وهيئات ومنظمات رسمية وأهلية الالتفات لمدى التحريض والعنف ومستوى مضامين العنصرية بالمناهج الإسرائيلية، التي تشكل انتهاكًا جسيمًا للمواثيق الحقوقية الدولية، وانتهاكًا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، خاصة معاهدة جنيف الرابعة وما فيها من نصوص حيال الوضع التعليمي في البلاد المحتلة.
وأكد أهمية الاستمرار في توفير الدعم العربي والدولي للعملية التعليمية في فلسطين، بما يسهم في ضمان استمرار تقدم المسيرة التعليمية وتحسين جودة التعليم لأبناء فلسطين، مشيرا إلى أن هذه الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية شكلت حافزًا لمضاعفة أسباب الصمود والإصرار الفلسطيني على تطوير والعملية التعليمية وحمايتها، لتحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات.
ووجه تحية تقدير كبير لوزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، وقطاع التعليم وبرامجه المختلفة في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، على جهودهم الكبيرة في محاولات تعويض الفاقد التعليمي من خلال برامجهم المتنوعة في ظل هذه الظروف الصعبة والمصيرية.
وقال السفير أبو علي -في ختام كلمته- “ننحني إجلالًا أمام أرواح شهداء وتضحيات غزة وفلسطين، ونحن على ثقة بأن التوصيات التي أقرت في هذه اللجنة والتي كانت نتاج مناقشات واقتراحات من جانب المشاركين خلال الأيام الماضية ستساهم بشكل فعال في التصدي لمحاولات تدمير العملية التعليمية التي تمارسها إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، بما يسهم في تحقيق تقدم المسيرة التعليمية وتحسين جودة التعليم للفلسطينيين، ليواصلوا المسيرة المظفرة رغم كل الصعوبات والتحديات في بناء دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس”.
وكانت لجنة البرامج التعليمية الموجهة للطلبة العرب في الأراضي العربية المحتلة في دورتها 108، قد عقدت اجتماعاتها على مدى أربعة أيام بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية برئاسة وكيل مساعد للشؤون التعليمية بوزارة التربية والتعليم الفلسطينية أيوب عليان، ومشاركة ممثلي اتحاد إذاعات الدول العربية، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الإلكسو”، بالإضافة إلى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “أونروا”.